هل ينتظر الرميد وفاة العجوزين “إبا إجو” و”دا حماد”؟
منذ أزيد من أسبوعين وقضية “إبا إجو” تحتل واجهة الأحداث على المستوى الوطني، رغم ما تعرفه من شبه تعتيم إعلامي، منه ما هو مقصود، ومنه ما هو غير محسوب، ومنها ما نتج عن تهاون لبعض المنابر الإعلامية.
معتصم “إبا إجو”، التي تم الاحتفاظ بها بشكل لم نعهده في المستشفيات العمومية بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الأول بتيزنيت صار محجا لساكنة المدينة وزوارها. لا تمر ساعة دون أن تتوقف سيارة أو راجل أمام الخيمة المنصوبة بجانب باب المحكمة، للسؤال عن أحوال “إبا إجو” وزوجها.
وفي نهاية كل أسبوع يتم تنظيم وقفتين ومسيرة احتجاجية. وقفة صباحية أغلب حضورها من فعاليات وإطارات المجتمع المدني والعشرات من المتضررين من تسلط مافيا العقار ومحترفي شهادة الزور، إضافة إلى ساكنة المدينة، ووقفة مسائية تنظمها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الإطار الحقوقي الوحيد بالمدينة الذي احتضن الملف ويتتبعه بشكل مستمر.
ساكنة المدينة ومعها باقي ساكنة إقليمي تيزنيت وسيدي إفني تتساءل باستغراب شديد عن السر وراء غياب الإطارات السياسية، والسبب في عدم تجاوبها مع الملف في شموليته.. فباستثناء بعض المواقف المحتشمة، أين موقف الأحزاب “التقدمية”، على الأقل، من قضية شغلت بال الرأي العام المحلي والجهوي وتعداه إلى الوطني؟ سؤال يتردد على كل لسان. هل هو تواطؤ مقصود مع الجهات النافذة، أم أن الملف شائك ومتشابك، والنبش فيه مثل من يضع رأسه في عش الدبابير؟ دبابير من مختلف الأشكال والأحجام، متضامنة فيما بينها، وعضاتها تؤلم وتجعل السياسي يحسب لها ألف حساب قبل التفوه بكلمة.
لكن الساكنة ومعها الرأي العام، مع مرور الوقت، تجاوز مثل هذه الأمور “شبه التافهة” في نظره، وأصبح السؤال الملح لديه هو موقف وزارة العدل من القضية.. طبعا، ليس من قضية “إبا إجو” فحسب، فهي ليست سوى الجزء الظاهر من “الأيسبرغ”، بل من قضايا تعد بالمئات، كلها تتمحور حول الأرض، والمتورطون فيها هم نفس الأشخاص، وأسماؤهم يعرفها القاصي والداني.
إلى حدود اليوم، لم ينطق سعادته بأية كلمة في الموضوع، ولم يتخذ أي إجراء بخصوص ما يقع أمام واحدة من المحاكم التابعة لوزارته!! اللهم إن كان يعمل بشكل سري، وهو شيء لم نعهده في سعادته، إذ نعرف عنه أن لسانه يسبقه دائما. وفي الأصل، فمن المفروض عليه أن يخرج ببلاغ يوضح فيه للرأي العام الاجراءات التي اتخذتها وزارته أمام الاتهامات التي تحملها الشعارات المرفوعة في الوقفات والمسيرات الاحتجاجية المنظمة أمام إحدى محاكمه. اتهامات بالتواطؤ والفساد داخل الجهاز القضائي واتهامات بفبركة ملفات ضد ضحايا العقار واتهامات أخرى باعتماد شهود زور في مجموعة من القضايا، رغم أنه سبق أن أدانتهم ذات المحكمة في قضايا عديدة بشهادة الزور ونفذت في حقهم عقوبات سالبة للحرية.
يقال “من شر البلية ما يضحك”.. هذا ما تؤكده أحاديث متفرقة مع مجموعة من الضحايا، أكد لي العديد منهم أن أحد هؤلاء الأباطرة له فريقا متكاملا من شهود الزور، يصل عدده إلى حوالي 18 شخصا أو يزيدون بقليل. ويعمد هذا “المافيوزي” إلى استئجار خدمات رجل تعليم، لسنوات عديدة، من أجل تلقين شهود الزور بشكل مستمر طريقة الإجابة عن الأسئلة بالمحكمة، مستعينا في ذلك بالسبورة والطبشور.. يا سلام!!! ويعتمد المافيوزي في كل قضية على حوالي ثمانية إلى تسعة شهود أساسيين في تشكيلة فريقه، يطعمهم في كل مرة بثلاثة إلى أربعة من باقي التشكيلة.
ويتساءل الضحايا باستهزاء عن ماذا ينتظر سعادة الرميد؟ ولماذا لم يأمر بإجراء تحقيق في اتهامات الضحايا الذين يعدون بالمئات، والذين خرجوا خلال مسيرتين للاحتجاج على الظلم والجور الذي لحقهم من مافيا وأخطبوط العقار، ومن صمت الجهات المسؤولة، الذي يقترب من الدخول في خانة التواطؤ الفاضح والمكشوف؟!!! الجواب كان جاهزا لدى أحد الضحايا، إذ عقب بقوله، “هل ينتظر الرميد وفاة العجوزين “إبا إجو” و”دا حماد” بسبب البرد القارس ومع عمرها المتقدم؟ ولا ينتظر الضحية جوابا، إذ بنبرة الواثق يردف قائلا، “هيهيات.. هيهات.. فصرخة “إبا إجو” أيقضتنا من سباتنا، وطردت الخوف من نفوسنا، وأصبحنا كلنا “إبا إجو” و”داحماد”، ولعنة صرخة “إبا إجو” ستصبح كابوسا يرعب أفراد هذا الأخطبوط ويقض مضجعهم”.
في الأخير، واستثناء هذه المرة، لن أهمس في أذن الرميد، بل سأصرخ في أذنه ووجهه، ماذا تنتظر يا وزير، يا حقوقي ويا سياسي، ويا مناضل؟
وإلى اللقاء في همسة أخرى أو صرخة أخرى.
مدير جريدة اكادير اكسبريس