” ليام تعرف ذا لبيا ” مسرحية حسانية نالت اعجاب متتبعي مهرجان أنفاس الداخلة للمسرح الحساني

حينما علمت بعرض مسرحية ” ليام تعرف ذا لبيا ” بالمركب الثقافي لمدينة الداخلة لفرقة الساقية الحمراء للمسرح الحساني الاحترافي بالعيون والمبرمج ضمن مسابقة نيل جائزة فعاليات مهرجان الداخلة للمسرح الحساني في نسخته السادسة ، ذهبت لمشاهدة ذلك العرض الذي مازلت أتذكر كل مشاهد نسخته المنبثقة عن مشهد اجتماعي يعيشه بعض المواطنين في حياتهم وهو العزوف عن الزواج والانزواء بالذات والاعتماد على نمط عيشي معتمد على البساطة والتقشف ، و التي قدمها لنا شاب وشابة وكانا رائعان في الأداء والتنسيق وبكل تلقائية وعفوية .
وقد استطاع المخرج ان يصوغ في العرض المسرحي قصة شاب مثقف اخذ منه الدهر قوته ويبليه بامور كثيرة منها ملازمة التدخين طوال عمره والابتعاد عن مشاركة الناس في حياته اليومية ، ملازما ان الكتاب هو خير جليس في الحياة ، بحيث أتت حيطان بيته بصفحات من الجرائد والصور وتخصيص مكتبة كبيرة بها مجموعة من الكتب البالية وقد جمعها مند صغره والتي تشهد له بانه محب للقراءةوملازما لها .
والجميل في الأمر مؤلف هذه المسرحية استطاع ان يعالج بعض الظواهر الاجتماعية التي يعيشها المواطن ، وذلك من خلال توظيفه على الخشبة ضمير الشاب في صفة حورية على شكل ملاك تلبس البياض واقحمها في العرض ، وجعلها مفكا حقيقيا ومنها إرسال شفرات مسترسلة كلها تظهر على حنكة ومدى انحكاك الكاتب مع المجتمع وتجاربه في الحياة .
في بداية العرض ظهر شاب على الخشبة والإكسسوار يبين انه متواجد داخل غرفة تتوفر على أثاث ومكتبة قديمة وجدرانها ملصقة بصفحات من صور الجرائد ، ظهر وهو جالس على كرسي وأمامه طاولة قديمة ،شاحب الوجه وملامح وجه تبين انه ساخط على الوضع الذي يعيش فيه ، ظهر وهو يدخل السجائر و يدمدم بكلمات مؤلمة ويحاور كتبه ومكتبته موجها اللوم للحياة ومن يعيش فيها بمشاكلها وآهاتها ، مرة يفتخر بكتبه الشاهدة على حياته ومرة يوجه لها التهم ، مرة يقول ان الكتاب خير جليس ومرة انه عدو وانه قد يكون نقمة بعد ان تظنه نعمة .
وفي المشهد الذي كان يكلم فيه نفسها مخاطبا الزمان دخل ضميره بصفة الملاك وهو لابس البياض ليحاوره دون ان يراه ويوجه له سيلا من الأسئلة ، هذا جعل الشاب يتحير ويطلب من الملاك الظهور وان يبين له من هو ، لكن الملاك بقي مخفيا ، بل خاطبه ببعض الامور التي مرت بحياته أي الشاب واسباب عزوفه وعدم اندماجه عن المجتمع ، وقد استطاع الملاك ان يخاطبه بأيام الطفولة وايام المدرسة وزيادة حتى على تلك الفتاة الشابة التي كان يحبها .
هذا يبدأ الصراع بينه وبين الضمير الذي اتاه في صفة ملاك ليحاكيه في ماضيه ويجادله في امور عدة وخاصة ما تتعلق بحاضره الذي يعيش فيه ، بمشاكله وبمعاناته اليومية التي لا تفارقه ، ومن هنا استطاع الضمير ان يتغلب على العقل وينير له مستقبله ليغيره ويصبح شخصا ذا منفعة لنفسه والمجتمع .
المهم الكثير من الالغاز ظهرت وجلها خرجت من رحم ظواهر اجتماعية سلبية يعيشها معظم الشباب المغربي وقد استطاع المؤلف للمسرحية ان يوظفها لمعالجة هذه الظاهرة ويبينها في صوروقوالب بديعة ومقبولة ، والتي استطاعت ان تنال كم مرة تصفيقا من الجماهير المتتبعة لها ، وقد أجمعت لجنة التحكيم وبعض المتتبعين والمهتمين ان هذه المسرحية تمثل مدرسة حقيقية لمجتمعنا الحاضر لكونها حلحلت وخلخلت مواضيع شتى تستحق التنويه والتشجيع .
– المسرحية من تاليف : المصطفى التوبالتي وبوجمعة الجمجمي ، ومن اخراج عالي بنحيا وبوجمعة الجمجمي ، والسينوغرافيا لحبيب المنصوري وبمساعدة الثنائي: سيدي امحمد بلقاظي وعبد الله الكريمس ، التشخيص لميرة جعفر ونبيهة البرني وبوجمعة الجمجمي ، اما الماكياج والملابس اسندت للثنائي سلم عليا ومروى ابودرار .