
طقوس الاحتفال بعاشوراء لها مميزاتها، فطيلة الأيام التي تعقب الفاتح من محرم يتجند الصبية من الأطفال لتجميع الأشواك والحطب و العجلات المطاطية إستعدادا لإشعال النار ليلة التاسع من هذا الشهر، حيث يتحلق حولها الكبار و الصغار الذين يشرعون في القفز فوقها في جو تسوده الندية و المنافسة دونما إحساس منهم بالخطر الذي يحذق بهم إزاء هذه المغامرة غير محسوبة العواقب.
ففضلا عن الحرائق التي قد تصيب الأطفال من “الشعالة” التي تنتشر وسط المساحات الشاسعة من أزقة و شوارع المدينة، فإن ثمة مجموعة من السلبيات التي ترافق هذه الظاهرة، سيما تلك المرتبطة بالدجل و الشعوذة، حيث تلجأ بعض النسوة إلى رمي الطلاسم و قطع الأثواب و المناديل الممزوجة بمواد السحر وسط هذه النيران للنيل من قوة الرجال و تحويلهم إلى عجين طيع بين أيديهن و غالبا ما يتم ذلك بتسخير و إستغلال أطفال صغار لا تحوم حولهم الشكوك أو الشبهات، ناهيك عما تخلف هذه “الشعالة” من رماد يتحول مع مرور الأيام إلى أزبال تنبعث منها الروائح الكريهة و تغزوها جحافل الذباب و الناموس و الحشرات الضارة.
و في موضوع ذي صلة، تنشط عدة تجارات بمناسبة الاحتفال بعاشوراء داخل أسواق الجديدة، ما يوفر العديد من فرص الشغل الموسمية لبعض العاطلين من أبناء المدينة و ما يتاخمها من قرى و مداشر، فبالإضافة إلى تجارة لعب الأطفال التي غزت الأسواق منذ حلول السنة الهجرية الجديدة حيث يقدم الآباء على شراء اللعب لأبنائهم احتفاء بهذه المناسبة و إن كان بعضها لا يخلوا من مخاطر على صحتهم حسب قول أحد الآباء “إذا كانت عاشوراء تشكل فرصة لإدخال البهجة و السرور إلى قلوب الصغار من خلال اللعب التي تهدى إليهم فإنه يتحتم على الآباء أن يحذروا بعض اللعب التي قد تحوّل فرحة المناسبة إلى أحزان” في إشارة إلى واضحة إلى اللعب التي تعتمد على المفرقعات، (بالإضافة إلى تجارة اللعب) فقد ظهرت أصناف تجارية أخرى يسعى أصحابها إلى در مداخيل إضافية نظرا للإقبال المتزايد للمواطنين عليها خاصة تجارة “البخور” التي يعمد باعتها إلى خلق أجواء حماسية لبيع مساحيق قلما يتعرف عليها المرء و ذلك بإشعال المجامير التي تفوح منها روائح شتى أصناف البخور، و إطلاق العنان لحناجرهم كي تصدر صيحات غريبة يحاولون من خلالها إبراز فوائد هذه المواد التي لا تخلوا بدورها من ممارسات تتعلق بالسحر و الشعوذة.
تجارة أخرى تزدهر أثناء الإحتفال بعاشوراء، بل و يتجشم العديد من أصحابها عناء السفر من قرى بعيدة نحو مدينة الجديدة لتحقيق أكبر نسبة من الأرباح، إنها تجارة الفواكه الجافة التي يقبل عليها سكان المدينة بشكل ملحوظ فيعمد باعتها، في غالب الأحيان، إلى الزيادة في أسعارها لتوفير هامش مبالغ فيه من الربح على حساب جيوب المواطنين دون أن يحرك هذا الخرق القانوني ساكنا لدى المسؤولين عن مراقبة الجودة و الأسعار.
إلى ذلك، فإذا كانت الأسر الجديدية تلح في إحياء صلة الرحم ليلة الإحتفال بعاشوراء من خلال تبادل الزيارات و الإجتماع حول وجبات العشاء، فإنها كذلك تسعى إلى إحياء هذه الصلة بينها و بين الموتى من ذويها و أقاربها صباح اليوم الموالي الذي يصادف العاشر من شهر محرم الحرام و ذلك بالترحم عليهم و زيارة قبورهم و رشها بالماء و إنتداب حفظة القرآن لتلاوة بعض الآيات البينات عليها و دفع الصدقات للمحتاجين و جيوش المتسولين الذين يحلون بالمدينة ذاك الصباح من مختلف القرى و المداشر القريبة و التي غالبا ما تكون عبارة عن قطع الخبز و حبات التين الجاف (الشريحة) حيث يعمد أكثرهم إلى إعادة بيعها من جديد لأن الهدف بالنسبة إليهم هو الحصول على النقود و ليس إشباع البطون