الأخبار

قاعات سينمائية صارت محلات ل”النكافات” و تدهور خطير في عدد القاعات في المغرب من 250 إلى 50

رغم أن علاقة المغاربة بالإنتاج السينمائي جاءت متأخرة قياسا إلى عدد من الدول العربية السباقة إلى هذا المجال، إذ أن أول فيلم مغربي روائي طويل لم ير النور إلا سنة 1968، ويتعلق الأمر بشريط “الحياة كفاح” وهو من إخراج مشترك بين أحمد المسناوي ومحمد التازي، فإن العلاقة مع الفن السابع متابعة ومشاهدة بدأت قبل هذا التاريخ بعقود بفضل القاعات السينمائية الكثيرة التي كانت موزعة على نقط مختلفة من المملكة. هذه القاعات التي رأت النور على يد المستعمر الفرنسي أو الإسباني، لم تكن في الأصل موجهة إلى المغاربة، إذ استحدثت لتلبية حاجات جمالية لدى الجاليات الأوروبية المقيمة في المغرب إبان فترة الحماية، قبل أن يُقبل عليها المغاربة بدورهم ويكتشفوا من خلالها روائع السينما العالمية وبعدها الأفلام الشرقية المصرية والهندية منها على وجه الخصوص.
انتشار القاعات السينمائية في المغرب منذ مرحلة العشرينات إلى مرحلة نهاية السبعينات، بتقدير وصل إلى 250 قاعة لم يبق منها حاليا سوى أقل من 50 قاعة، مكن من انتشار ثقافة سينمائية لدى المغاربة، خلال حقبة معينة، إذ كانوا يقبلون بنهم على الإنتاجات السينمائية الأجنبية، ويمنون النفس بأن يشاهدوا أفلاما مغربية تعبر عن هويتهم وتطلعاتهم ويجدون فيها ذواتهم، إلا أن مسار السينما المغربية خلال العقود الأخيرة سار في اتجاه معاكس بسبب ما آلت إليه القاعات السينمائية.
ففي الوقت الذي أخذ فيه الإنتاج السينمائي يتزايد باضطراد خلال السنوات الأخيرة، أخذت القاعات السينمائية في المقابل تختفي الواحدة تلو الأخرى أو في بعض الأحيان بشكل جماعي كما حدث في إحدى السنوات الأخيرة التي أغلقت فيها خمس قاعات سينمائية دفعة واحدة.
مسألة الإعدام المتوالي للقاعات السينمائية تتداخل فيه عوامل كثيرة منها ما يتعلق بعينة من أرباب هذه القاعات الذين لم يستثمروا الأموال التي حصلوها خلال فترات الازدهار لضمان استمرارية القاعات بل كدسوها أو وظفوها في مشاريع لا علاقة لها بفضاءات العرض السينمائي ولواحقها، كما أن القرصنة وانتشار وسائل بديلة لاستهلاك الإنتاجات السينمائية في المنزل بدل تجشم عناء التنقل إلى فضاءات لم تعد تحمل من القاعات السينمائية سوى الاسم، وغدت في المقابل مجالا خصبا ل”شراء الظلام” من طرف فئات تقصدها عن متع أخرى غير المتعة البصرية كلها عجلت بنهاية هذه القاعات.
مشكل القاعات السينمائية أضحى يطرح نفسه بإلحاح، ففي الوقت الذي يتم الحديث عن تأهيل القطاع السينمائي وتخصيص اعتمادات مالية له غير مسبوقة، يعاين المغاربة الإعدام شبه اليومي للقاعات السينمائية وتحويلها إلى أسواق ممتازة أو قاعات أفراح ترتع فيها “النكافات” في أحسن الأحوال، أو إلى مطارح أزبال أو مخازن لتخزين السلع في القيساريات. حان الوقت إذن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من القاعات السينمائية المغربية التي يعد أغلبها بمثابة معالم عمرانية لا يجب التفريط فيها، وإعادة الحياة إلى بعضها، وهي المسألة التي انتبه إليها المشاركون في المناظرة الوطنية للسينما التي نظمت أخيرا بالرباط وطالبوا من خلالها بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على القاعات السينمائية٬ والتعجيل برقمنتها٬ وإعفاء جميع المعدات التقنية وكل التجهيزات المستعملة فيها (القاعات السينمائية) من الرسوم الجمركية٬ ومن الضريبة على القيمة المضافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: