الأخبارثقافة وفنصحافة واعلام

الدشيرة تُنهي فصلًا سينمائيًا عالميًا… ومصر ضيف الشرف تترك بصمتها

باسين عبد العزيز

من 21 إلى 24 ماي 2025، تحوّلت مدينة الدشيرة الجهادية إلى نقطة التقاء عالمي لعشاق الفن السابع، وهي تحتضن فعاليات الدورة السادسة من مهرجان الدشيرة الدولي للسينما، الذي نظمته جمعية أيوز للثقافة والفن والتنمية تحت شعار: “السينما جسر للتواصل وتبادل الثقافات”.

في دورة استثنائية بحضور فني متميز من أربع قارات، أعاد المهرجان التأكيد على أن السينما ليست مجرد عرض أفلام، بل مساحة للتفاعل الحضاري والانفتاح الإبداعي. ما بين عروض، ورش، تكريمات، ونقاشات فكرية، استطاعت الدشيرة أن تتحول إلى عاصمة سينمائية مصغّرة، تعجّ بأصوات الكاميرات ولهجات متعددة تتقاطع عند نقطة واحدة: الحب الجماعي للسينما.

اختيار جمهورية مصر العربية ضيف شرف هذه الدورة لم يكن صدفة، بل هو تكريم لتاريخ طويل من العطاء السينمائي الذي ألهم أجيالًا في العالم العربي وخارجه. وتمثّل ذلك من خلال حضور أسماء بارزة من مصر، منها الإعلامية هند الصنعاني والمخرجة جيهان إسماعيل، فضلًا عن حضور لافت لأفلام مصرية نالت تنويهات مستحقة.

من بين أكثر من 150 فيلمًا قصيرًا توصلت بها إدارة المهرجان، اختير 22 فيلمًا فقط للتنافس في المسابقة الرسمية، ما يؤكد جودة الانتقاء ورغبة المنظمين في الحفاظ على مستوى رفيع للمحتوى الفني. اللجنة، التي ترأسها المخرج المغربي حكيم القبابي، ضمّت أسماء وازنة من مصر وفرنسا والسويد، وجاءت النتائج لتعكس تنوعًا جغرافيًا وفنيًا كبيرًا.

في فئة الأفلام الروائية القصيرة، نال الفيلم السعودي “حوض” للمخرجة ريم الماجد الجائزة الكبرى، بينما حصل فيلم “خنكة العطش” للمخرجة التونسية هزار عباسي على تنويه خاص، وذهبت جائزة السيناريو إلى فيلم “تشظي” للسيناريست الكويتي دحام الشمري (إخراج مريم العباد)، فيما نال فيلم “الشدة” للمخرج المغربي حسن أمير السيد تنويهًا خاصًا عن السيناريو. أما جائزة التشخيص، فكانت من نصيب الممثلة راما زين العابدين عن فيلم “كما يليق بك” من سوريا، والممثل عمر محمد عن فيلم “وان موهيجاج” من ليبيا.

أما في فئة الأفلام الوثائقية القصيرة، فقد فاز الفيلم العُماني “لن أغوص وحيدًا” للمخرج فهد الميمني بالجائزة الكبرى، فيما حصل الفيلم المصري “الرزق ع الله” للمخرج محمد محمدين على تنويه خاص.

تميّزت دورة هذه السنة بانفتاحها على فضاءات جديدة داخل جماعة الدشيرة الجهادية، من قاعة سينما الصحراء التي احتضنت عروض البانوراما وبعض أفلام المسابقة الرسمية، إلى دار الفنون عبد الهادي إكوت التي شهدت تنظيم “ماستر كلاس” أدارته المخرجة جيهان إسماعيل إلى جانب الممثل المغربي عبد الحق بلمجاهد. كما كانت أكاديمية أكارت حاضرة بتنظيم ورشة حول “دور مساعد المخرج” بتأطير من المخرج عبد العظيم الكطاوي، بينما احتضن المقهى الأدبي بالدشيرة جلسة فكرية بعنوان: “السينما رافعة للتنمية وجسر للتواصل وتبادل الثقافات”.

عرف الحفل الافتتاحي حضورًا فنيًا مميزًا من خلال الوصلات الموسيقية الأمازيغية التي أبرزت روح المنطقة وثقافتها، إلى جانب تكريم رموز تركوا أثرًا بصريًا أو سمعيًا لا يُنسى، من بينهم الفنانة الأمازيغية نورا الولتيتي، الممثل عبد الحق بلمجاهد، المديرة الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل – بجهة سوس ماسة رجاء حليلة، الفنان حسن عليوي، والإعلامية المصرية هند الصنعاني، في إطار احتفاء خاص بالسينما المصرية.

وفي ختام المهرجان، كان الجمهور على موعد مع عرض الفيلم القصير “O+” للمخرج سفيان نعوم، قبل أن يحيي الفنان أحمد أماينو سهرة موسيقية أمازيغية تفاعل معها الحضور بحرارة، لتُختتم الدورة في أجواء من التصفيق والاعتزاز بما تحقّق.

لا شك أن الدورة السادسة من هذا الحدث أثبتت أن الدشيرة الجهادية ليست فقط حاضنة ثقافية محلية، بل منبر سينمائي بدأ يفرض اسمه بين المهرجانات الدولية، بفضل انفتاحه، تنوعه، ودقّته التنظيمية. ويبدو أن الطريق بات ممهّدًا أمام هذه التظاهرة لتوسيع آفاقها مستقبلًا، وتثبيت موقعها كأحد أهم جسور التواصل السينمائي بين الجنوب والشمال، الشرق والغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: