أخبار وطنيةالأخبارالرياضةصحافة واعلام

فرحتان في سوس: بقاء حسنية أكادير وصعود أولمبيك الدشيرة… بفضل جهود جمهور الوفاء وموسم الإنجاز والابتسامة

غزالة سوس تُقاوم الأعاصير وتبقى شامخة في قسم الكبار

بقلم باسين عبد العزيز

عاشت جماهير كرة القدم بمدينة أكادير، وسوس عمومًا، ليلة استثنائية طغت فيها مشاعر الفرح والارتياح بعد موسم عصيب، كانت فيه الأنفاس محبوسة، والقلوب معلّقة بين الأمل والخوف. فمع نهاية الموسم الكروي، تحقق الحلم المزدوج: بقاء حسنية أكادير في القسم الوطني الأول، وصعود أولمبيك الدشيرة إلى قسم الصفوة لأول مرة في تاريخه.

خاضت حسنية أكادير واحدًا من أصعب مواسمها منذ صعودها إلى القسم الوطني الأول، حيث عاشت جماهيرها على وقع التوتر والقلق حتى الجولات الأخيرة. الفريق الذي كان يومًا ما مرشحًا للعب الأدوار الطلائعية، وجد نفسه هذا الموسم يصارع من أجل تفادي السقوط، وسط نتائج متذبذبة، وضغوطات متزايدة على اللاعبين والإدارة.

ومع كل مباراة، ظل جمهور الحسنية وفياً كعادته، يحجّ بكثافة إلى المدرجات كلما أتيحت الفرصة، رغم أن الفريق لم يكن يتوفر على ملعب رسمي يحتضن لقاءاته، ليبقى متنقلاً بين المدن، محرومًا من دفء ملعبه ووفاء جمهوره في معقله. ومع ذلك، لم يتردد مشجعو الفريق في تنقلات مكوكية طوال الموسم، حامليْن راية الغزالة ومرددين شعارات الدعم دون كلل، في مشهد قلّ نظيره في الكرة الوطنية. إلا أن الفريق عاد إلى ملعبه في أدرار وحقق فيه المبتغى، ليُسدل الستار على موسم مليء بالتحديات بانتصار ثمين يُحسب له ولجماهيره الوفية.

ولعل من أبرز الصور التي رُسخت في ذاكرة هذا الموسم، رفع جمهور حسنية أكادير لتيفو رائع، عبّر فيه عن روح الانتماء العميقة، مستحضرًا تاريخ تأسيس النادي وهويته الأمازيغية الأصيلة، في لوحة فنية شدت الأنظار وأكدت أن جمهور الحسنية ليس مجرد جمهور، بل روح الفريق النابضة وعنوان فخر مدينة بأكملها. “الشعار (أو التيفو) الذي رفعه فريق حسنية أكادير يُجسد حجم المعاناة والمجهود الكبير المبذول، تمامًا كمن يُحاول رفع صخرة ضخمة بكل ما أوتي من قوة، منهكًا من التعب، دون أن يحقق نتيجة تُذكر… ليضيع الجهد سُدى

ورغم كل الصعوبات، نجح الفريق في الجولة الأخيرة من تحقيق الفوز الحاسم، ليتنفس جمهور سوس الصعداء بعد شهور من المعاناة والتوتر. وكان هذا الفوز الثمين على فريق رجاء بني ملال هو الحاسم الذي ضمن لحسنية أكادير البقاء بين الكبار في القسم الوطني الأول. منذ البداية، دخل رجاء بني ملال المباراة بروح قتالية عالية، مصارعًا عزيمة الغزالة وصامدًا في وجه هجومها المتكرر. ولم تخلُ المواجهة من فرص خطيرة أضاعها فريق الحسنية أو تصدى لها دفاع قوي بقيادة الحارس المتألق أبعيير، الذي وقف سدًا منيعًا أمام العديد من الكرات الخطيرة، محافظًا على مرماه من عدة محاولات كانت كفيلة بتغيير مجرى اللقاء.

وفي الدقيقة 71، جاء الهدف الحاسم بعد عمل جماعي منظم تُوّج بتمريرة ذكية أنهاها كاتي كتالوندي في الشباك، موقعًا هدفًا جميلاً، ومانحًا فريقه ثلاث نقاط ثمينة كانت بمثابة طوق النجاة، وأكدت علو كعب حسنية أكادير في حسم معركته للبقاء.

جمهور حسنية أكادير لم يكن مجرد رقم في المدرجات، بل كان لاعبًا سادسًا يُلهم اللاعبين ويشد من أزرهم في أحلك اللحظات. رغم الظروف الصعبة، والتنقلات المتكررة، وغياب ملعب قارّ للفريق، ظلّ الجمهور وفياً لفريقه، يرافقه في مختلف مدن المملكة، ويثبت في كل مرة أن الانتماء ليس شعارًا، بل سلوك نابع من حب راسخ لهذا الكيان.

وكأن سوس كانت على موعد مع الفرح المزدوج، فقد تحقق الحلم الذي راود أبناء أولمبيك الدشيرة لعقود: الصعود إلى القسم الأول، لأول مرة في تاريخ النادي. هذا الإنجاز غير المسبوق جاء كثمرة لعمل إداري وجهاز تقني محترف، ولاعبين أظهروا روحًا قتالية ومسؤولية عالية.

صعود أولمبيك الدشيرة ليس فقط حدثًا رياضيًا، بل هو تحوّل كبير في خريطة كرة القدم بجهة سوس ماسة، إذ باتت المنطقة تُمثَّل بفريقين في قسم النخبة، ما سيُسهم في رفع مستوى التنافس، وزيادة الجاذبية الاستثمارية والرياضية للمنطقة.

بانتهاء هذا الموسم الاستثنائي، يحق لجمهور سوس أن يفرح. فرحة البقاء لحسنية أكادير لم تكن مجرد انتصار رياضي، بل كانت انتصارًا للصبر والوفاء والدعم الجماهيري، في حين أن فرحة الصعود لأولمبيك الدشيرة هي احتفاءٌ بالعمل الجاد والطموح الذي لا يعترف بالمستحيل.

ولعل الموسم المقبل سيكون فرصة لفتح صفحة جديدة، عنوانها الاستقرار والتخطيط المحكم، لإعادة الهيبة لغزالة سوس، وتثبيت أقدام الوافد الجديد، أولمبيك الدشيرة، في قسم الكبار.

سوس اليوم تبتسم، وجمهورها يردد: “صبرنا طويل… وفرحتنا أكبر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: