أيها الشواذ.. إذا ابتليتم فاستتروا..
محمد البودالي
معشر الشواذ المغاربة، أو بالأحرى من يمثلهم في الحركة التي تريد التظاهر يوم 17 ماي بالرباط، لمطالبة عبد الإله بنكيران بضمان الحق في الحرية الجنسية، وإلغاء عقوبات الشذوذ الجنسي من القانون الجنائي المغربي، لا تتوجسوا خيفة من هذه السطور، لأننا لن نحرض على مهاجمتكم، ولن نفتي في حقهم، وإنما هي مجرد تساؤلات ووجهة نظر أخرى، غير التي ترونها، حتى لا يكون حكمكم جاهزا علينا.
إلى أين تقودنا الحرية غير المسؤولة؟ سؤال يفرض نفسه بإلحاح على هامش دعوة حركة الشواذ جنسيا إلى التظاهر في الرباط للمطالبة بحقوقهم. دعوات من هذا القبيل، تمثل استفزازا للشعور العام، وتطورا لافتا في أسلوب عمل الفئات التي تسعى إلى تكريس حضورها ضدا على كل القيم، والنصوص القانونية، والرفض الشعبي لظاهرة الشذوذ.
البعض يرجعون مثل هذه المبادرات إلى استغلال بعض الفئات المتمردة على قيم المجتمع، لمناخ الحرية لإثارة الانتباه إليها، وكسر الطابوهات، وحمل المجتمع على التطبيع مع ظواهر ظلت على الدوام منبوذة، وينظر إليها بـ”دونية” تدفع إلى من يعتبرون أنفسهم مختلفون، إلى الخجل من أنفسهم، قبل مواجهة المجتمع.
الدعوة إلى التظاهر للمطالبة بالحرية الجنسية تمثل تطورا غير مسبوق، واستمرارا لمنطق التدرج الذي تسلكه “حركة الشواذ” إذا صحت هذه التسمية، بعد أن أعلنت عن نفسها في خروج إعلامي أعلن ميلاد تجمعات حاولت اختبار ردة فعل المجتمع إزاء إخراج ظاهرة الشذوذ من السرية إلى العلن.
وقد مضى وقت غير يسير حاول من خلاله نشطاء هذه الحركة، اللعب على عامل الزمن لنيل اعتراف مجتمعي، اعتمادا على التطور الذي يعرفه المجتمع، ومطابقة المغرب لترسانته القانونية لتنسجم مع منظومة الحقوق الكونية، بما يسمح لحركة الشواذ بالخروج من السرية إلى العلن.
وبغض النظر عن كل هذه السياقات التي لا يمكن أن تستغل في بلد مسلم كالمغرب من أجل التطبيع مع ظاهرة، لا يقبل أي مغربي أن تتحول إلى ظاهرة مرئية وشرعية إلى جانب باقي الحركات المطلبية، طالما أن الشذوذ ليس وليد اليوم أو الأمس.
نعم الشذوذ ظاهرة موجودة ولها أسبابها، وكما لا حق لأي أحد بالتحقق من الميولات الجنسية للآخر، فإن ذات المنطق لا يمنح لهذه الفئة التي تسعى لتكريس وضع غير طبيعي، مازالت المجتمعات الغربية ترفض الإقرار به من الناحية القانونية، الحق في المجاهرة بميولاتها الجنسية والدعاية لها، خاصة وأن آخر هموم المغاربة هو التظاهر من أجل إلغاء تجريم الشذوذ واللواط.
لذلك، فإن منظومة الحقوق التي أقرها المغرب، لا يمكن أن تكون مبررا لضرب القيم الدينية والأخلاقية، من أجل سواد عيون “الشواذ المغاربة” الذين يبحثون عن ترف الاعتراف بهم، طالما أنهم يمكنهم أن يمارسوا نزواتهم في سرية لمن لم يستطع الإقلاع عن هذه “العادة الخايبة” والمخالفة للفطرة الإنسانية، خاصة أن السعي إلى استفزاز المجتمع، قد يكون مكلفا في ظل إصرار غريب على المطالبة بحقوق لا مجال للاعتراف بها من طرف عموم المغاربة، لذلك لا يسعنا إلا أن ننصحكم بالتراجع عن هذه الدعوة، ونقول لكم “إذا ابتليتم فاستتروا”.