ربورطاجات

الخيانة الزوجية بالمغرب: تجديد للأنفاس أم رد فعل

روبورتاج : حسناء عتيب 

الخيانة الزوجية كانت وما تزال من أكثر المواضيع اثارة للجدل في العلاقة الزوجية. هناك من الأزواج من يستطيعون التغلب على هذه المحنة، وهناك من لا يستطيع التعامل معها أو حتى مجرد التفكير في العفو عن الشريك الخائن، كل ذلك يعتمد على شخصية الفرد والمبادىء والقيم التي تربى عليها.

ويختلف مفهوم الخيانة الزوجية من ثقافة الى أخرى. ففي المجتمعات الشرقية ليس هناك تسامح في الخيانة الزوجية اللهم إلا في الحالات القليلة، أما في المجتمعات الغربية فالأمر يختلف.

لكن اصلاح العلاقة الزوجية بعد الخيانة وارد في كل الثقافات اذا كان الشريك الذي وقع ضحية لخيانة الشريك الآخر قادرا على العفو والمسامحة.

لأجل كل هذه الأمور، استقينا آراء زوجات خانهن أزواجهن، وأزواج خانوا زوجاتهم. بعضهم مع سبق الإصرار والترصد، والبعض الآخر حدثت معه بالصدفة، أو أعجبته الفكرة فكانت النهاية. نهاية من قال” كانت مجرد تجديد “أنفاس” ليس إلا”.

في شارع علال بن عبد الله بالعاصمة المغربية الرباط، يقع مبنى صغير مكون من أربع طبقات، الطابق الثاني من البناية شهد الفاجعة، نهاية علاقة زواج دامت لمدة 15 عاما، بدأت باتصال هاتفي خاطئ، وانتهت باتصال هاتفي أصاب في الصميم علاقة زواج دمرتها لحظة طيش.

كانت عائشة في منتصف عقدها الرابع، ترتدي سروال جينز أزرق وقميصا أسود، وتضع نظارة سوداء غطت تقريبا ملامح وجهها أشارت بيدها إلى البناية، هناك حيث ضبطت زوجها مع عشيقته بعد اتصال هاتفي من مجهول، يخبرها أن هلمي لإنقاذ أسرتك فزوجك يخونك مع أخرى.

قالت عائشىة بعين دامعة لم أصدق ما سمعته، زوجي رجل طيب وتقي والجميع يشهد له بذلك، ثم إنه لم يغب يوما عن منزله، مواعيد رجوعه من العمل مضبوطة، من المنزل إلى العمل ومن العمل إلى المنزل، لطالما غارت صديقاتي من السلام الذي يعم منزلنا.

عائشة ليست المرأة الوحيدة التي فقدت زوجها، وتغير حالها من امرأة متزوجة ولها عائلة صغيرة إلى مطلقة، بل هناك نساء عدة تطلقن لنفس السبب حفاظا على كرامتهن التي بعثرتها نزوة رجل طائش على حد قولهن.

صدفة ولكن…

أما صفية فلم يكن جرحها أقل من عائشة، حين بدأت تروي قصتها بدا وجهها شاحبا قالت دون أن تنظر إلينا – تلك الليلة المشؤومة لا زلت أتذكرها وكأنها حدثت بالأمس- كنت في حفل زفاف لإحدى قريباتي، دخلت متأخرة إلى البيت وقتها، وأنا أقفل الباب سمعت جلبة في مطبخ منزلي، توجهت نحو المطبخ ويدي على قلبي وما أن وضعت يدي على مفتاح النور حتى وجدت زوجي يضع يده على فم الخادمة، وقد مزَّق ملابسها وهو في حالة سكر، لم أصدق حينها ما رأيت، سقطت مغشياً عليّ، وأصبت لمدة طويلة بعمى في عيني، تبين فيما بعد أنه عمى نفسي. تنهدت بقوة وأضافت “لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ماذا عساي أن أفعل الآن”؟.

الدراسات في هذا المجال (الخيانة الزوجية بالمغرب) تبقى عديمة وحتى إذا وجدت فغالبا ما تبقى حبيسة الرفوف، فالعلوم الاجتماعية لا زالت غير مستثمرة بالشكل المطلوب في مجتمعاتنا مما يجعل المشاكل الاجتماعية تتفاقم أكثر فأكثر. علما أن فاعليتها في التخطيط الاجتماعي جد مؤكدة إذا ما أردنا الاستفادة من تجارب من سبقونا في هذا المجال.

الخيانة وسيلة لاكتشاف الذات

بعض الرجال مهووسون بالإبقاء على شعور الشباب المتجدد لديهم والدليل هو الخيانة، لا لسبب سوى لاكتشاف الذات ومعرفة تاريخ “صلاحيتهم”، وكذلك حجم قدراتهم الجنسية، فقد يخون الرجل زوجته مع إحدى بائعات الهوى فيشعر معهن بما لا يمكن أن يشعره مع زوجته التي أفنت جسدها في خدمته وتربية أولاده.

“خالد” إسم مستعار، يرفض الاعتراف بأنه يرتكب خيانة في حق زوجته، ويعتبر ما يفعله مجرد هروب من الفراغ والملل القاتل الذي يعيشه بين أحضانها، بحكم الالتزامات الأسرية والمسؤوليات اليومية..

يستدرك خالد بكلمات مقتضبة دون أن يعترف بندمه: “لا أفكر أبدا في التخلي عن قائمة النساء اللواتي ألتقي بهن، إنهن بمثابة ينبوع الحياة الذي لا ينضب”.

ظاهرة الخيانة عرفها يوسف معضور كاتب متخصص في علم الاجتماع”على أنها ظاهرة إجتماعية نفسية، لا تقتصر على مجتمع دون آخر، لكنها تختلف حسب المنظومة الاجتماعية و منظومة القيم المتداولة في مجتمع معين، تظهر أو تنشأ من خلال وجود خلل ما في العلاقة بين طرفي علاقة عاطفية أو زوجية، سواء سلوكي أو مرتبط بما هو مادي محسوس، أو لأسباب خارجية تؤدي إلى عدم استقرار و تفكك داخل علاقة ما، هناك أنواع للخيانة تنقسم بين خيانة مرضية و أخرى ناتجة عن ردود أفعال”.

للنساء نصيب…

وحتى نكون منصفين لابد من الاعتراف من أن الرجال ليسوا وحدهم من يخونون، فقد تقوم المرأة بمعاشرة رجل آخر والاستمتاع بصحبته وقبول غزله ومبادلته الحب، لكن بالرغم من كل هذا تبقى خيانة المرأة حسب معضور، وقعها قاسيا و تصدر فيها أحكام قيمة محملة بنعوت قاسية في حق ” الخائنة” دون البحث عن الاسباب و الدوافع وراء القيام بالفعل و الوقوف عنده كسلوك اجتماعي”.

زوجات ولكن… خائنات

تحدثت سميرة بكل طلاقة، وبررت خيانتها قائلة:” تزوجت من شخص فرضته علي عائلتي بعدما تركني حبيبي، ومرت سبع سنوات إلى أن التقيت به مجددا تبادلنا أرقام الهاتف، وبتنا نتواصل كل يوم تقريباً.. تضيف” لم أشعر يوما أني متزوجة .. فزوجي يأتي من عمله و لا يحدثني كثيرا، فلم أجد بديلا عن العودة مجددا إلى حبيبي الأول”.

في مقابل ذلك لم تكن سميرة راضية عن حياتها، كتبت مأساتها كما سمتها و بعثت برسالتها إلى إحدى البرامج الدينية علها تجد الجواب الشافي بالرغم من أنها تعرف مسبقا أنها مذنبة، قالت وعيناها تدمعان “يا ليتني مت قبل أن أقع في المحظور”.

هل هناك أمل؟

هناك احصاءات عالمية تقول أن ثمانين في المئة من النساء لايستطعن العفو عن الأزواج الخائنين وخمسة وتسعون بالمائة من الرجال لايقبلون ولابشكل من الأشكال العفو عن الزوجة الخائنة. ولكن هل هناك أمل في امكانية اصلاح العلاقة الزوجية بعد الخيانة؟ انه سؤال كبير ومثير ومحير ومربك حاولت الأخصائية الاجتماعية البرازيلية الشابة “سارينا غيديس” الاجابة عليه في موضوع نشرته لها مجلة “بين استار” البرازيلية المختصة بشؤون العائلة والعلاقات الزوجية.

قالت “سارينا” ان الخيانة الزوجية تعتبر بالنسبة للكثيرين نهاية العلاقة الزوجية مباشرة بعد اكتشافها، لكن هناك من الأزواج من يعطون وقتا أو فاصلا للتفكير الجدي حول الموضوع. ويفكر كثيرون أيضا بأنه من المؤسف والمحزن وضع نهاية لعلاقة زوجية دامت سنوات بسبب خطأ انساني يعتبره البعض قاتلا ويعتبره آخرون جزءا من طبيعة البشر، وبخاصة طبيعة الرجل.

وأضافت بأن الخيانة الزوجية تشبه الى حد كبير الخطأ البشري الذي يرتكبه قائد طائرة ويؤدي الى سقوط الطائرة. وتساءلت هل هذا الخطأ البشري كان متعمدا أو حدث لأن الانسان معرض لارتكاب الخطأ. ثم استدركت لتقول بأن الخطأ البشري لقائد طائرة لا يمكن ان يكون متعمدا ولكن الطائرة تسقط، وكذلك هو الأمر بالنسبة لمن يقع في مطب الخيانة الزوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: