الصحافة والوليمة
بقلم الاستاد: احمد مازوز
شاركنا في الكثير من اللقاءات والندوات الصحفية ، وحضرنا العديد من المنتديات والاجتماعات والتظاهرات المحلية والجهوية ، وفي نهاية كل فصل أو لقاء أو اجتماع كنا ( نستمتع ) بولائم صحفية وأخرى بطنية ، فتحصل لنا تخمتين ، الأولى تخمة اللسان لكثرة الكلام وحدة اللسان ، وأحيانا يحصل سغب الكلمة والتعبير لجفاء الفكر وقحط الزاد المعرفي والثانية تخمة الأمعاء وكثرة الطعام ، عند نهاية الكلام ، مما حولنا إلى كائنات تزحف على بطونها وتلدغ بلسانها كل ما يحيط بها ، نملا الكراسي ، ونقعد على طاولة طعام نهاية اللقاء .
إننا حولنا الجهاز الصحافي النبيل والشريف إلى مواسم للموائد والمدام وحولنا الجهاز الإعلامي إلى الزحف على البطون ، ننتظر متى ينتهي اللقاء او الحوار لنسارع ونهرول نحو موائد الطعام ، فننسى اننا أصحاب أقلام ، لنضع مكانها السكاكين والملاعق والصحون نلحسها ونلتهمها ، فيتحرك العطش الفكري والجهد الإعلامي ليحل محله العطش المدامي والنهم الطعامي ، فيا ويلنا ويا ويل صحفنا وجرائدنا التي تحولت ألوانها ومواضيعها إلى ( MUNU) يختار فيها الصحفي والمراسل ما يشتهيه لخدمة من يقدم له ما يشتهيه ، مداما وطعاما او نقودا .
وليس في الكون مثل هذا النظام ، فالصحافيون والمراسلون يموتون في ساحة المعارك وفي بؤر التوتر ، يغامرون ويجازفون لأجل الوصول الى المعلومة وكشف الحقيقة ، يدخلون السجون في قضية رأي ( لا قضية تلبس) يتعرضون للمضايقات ، يفضحون المفسدين ويغيرون مجرى التاريخ ، يقاتلون بأقلامهم وعدساتهم ، وعندنا ينبطحون ويزحفون على بطونهم ، ينتظرون بأحر من الجمر متى يسمعون عن انعقاد ندوة او لقاء او تنظيم مهرجان ليسارعوا الى موائد الطعام مع اللئام .
فهل تغير الوعي السياسي والصحفي وانقلبت المفاهيم وأصبحنا نقوم خدمة مقابل اجر مادي او لحظة متعة بطنية وأمعائية ؟ فهل ساد واستبد البطن على الضمير والعقل والفكر فأصيبت شهية المعرفة والمدارك بوهن الإبداع والابتكار ؟ فسحقا لأصحاب المدام والطعام ، وتبا لكل غاية رخيصة تموت نبل وفضيلة الرسالة الصحفية والإعلامية وتسخرها الى غير مراميها وتوظفها في غير محلها .
وخير من قال : ( حين يموت الضمير تموت الفضيلة وتضيع الحقيقة ).