المواعيد

“ظاهرة التطرف الديني عند الشباب” موضوع ندوة علمية، بكلية علوم التربية.

تشكل ظاهرة التطرف الديني في المجتمعات العربية الإسلامية من أبرز القضايا التي تشغل اهتمام الباحثين على اختلاف مشاربهم الفكرية، و كذا تثير انتباه الملاحظين، نظرا لسرعة بروزها كظاهرة اجتماعية أولا، ولخطورة آثارها على الصعيد الإجتماعي ثانيا. وبالرغم من المحاولات الجادة التي استهدفت تطويق الآثار السلبية لهذه الظاهرة، فإن التطرف على اختلاف أشكاله، السلوكية والفكرية مازال يجد الأرض الخصبة لنموه وامتداده.
وبتأملنا للواقع الإجتماعي والسياسي في المنطقة العربية والإسلامية، وبالنظر تحديدا إلى تنامي مختلف مظاهر التطرف الديني خصوصا عند فئة الشباب، تتضح أهمية التفكير في الظاهرة باعتماد مقاربات علمية متنوعة تنفتح على فروع ومشارب ومناهج العلوم الإنسانية كافة: علم الإجتماع، الأنتروبولوجيا، العلوم السياسية، علم النفس، علوم التربية…
فكأي ظاهرة إنسانية، يبدو أنه من الممكن تفسير التطرف الديني بالإستناد على أبعاد سوسيولوجية وسيكولوجية، وتربوية، وتاريخية وفكرية وسياسية… فمن الناحية السوسيولوجية يتضح أن الظاهرة تفتح النقاش على التحولات السوسيوسياسية الكبرى التي تعرفها المجتمعات العربية الإسلامية وما يرافق ذلك من أزمات على المستوى القيمي بالخصوص. أما سيكولوجيا، يبدو التطرف الديني تعبيرا مباشرا عن خلل في تكوين شخصية الفرد وضعف في القدرة على تحقيق التوازن النفسي، وكذا خلل في استراتيجيات التفكير لدى الإنسان، دون إغفال البعد التربوي في هذا المتن، نظرا لدوره الفعال في توجيه سلوك الأفراد، في اتجاه بناء مجتمع خال من الأعطاب التربوية، وهذا لن يتأتى إلا باقتراح بدائل تربوية من شأنها تجاوز البرامج التربوية العقيمة الموجودة حاليا.
و فيما يتعلق بالبعد التاريخي للظاهرة، يبدو أن النكوص والتعلق بمرحلة تاريخية معينة قوامها القوة والعنف من أجل نشر العقيدة الدينية وإقامة دولة الخلافة، هو أحد العوامل الفاعلة التي ينبغي أخذها بعين الإعتبار أثناء محاولة فهم كل تطرف ديني لدى الشباب العربي. أما من الناحية السياسية، يمكن الحديث عن دور السياسات القائمة في البلدان العربية المسلمة في خلق التطرف الديني لدى الشباب، حيث يبدو هذا الأخير مجرد رد فعل على كل أشكال التهميش والإقصاء والإستبداد الذي عانت ولازالت تعاني منها الشعوب في المنطقة العربية. تتعدد إذن الأسباب والعوامل والمتغيرات الفاعلة في ظاهرة التطرف لدى الشباب، وما هذه الندوة العلمية التي ينظمها نادي الأغورا و ماستر إعادة تربية الجانحين و الإندماج المهني بكلية علوم التربية، إلا محاولة لتسليط الضوء على هذه العوامل، مع تحليلها وتفسيرها وفق مرجعيات علمية متنوعة ومتكاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: