إفتتاح اليوم الرسمي لفعاليات موسم طانطان بحضور شخصيات وازنة
بين كتبان الرمال، وسط ساحة فسيحة، نصبت القبائل الصحراوية خيامها واستقدمت كل واحدة قطيعها من الإبل، وارتدها أهلها أبهى حلة للاحتفاء بموسم سنوي يجمع كل قبائل الصحراء ( 30 قبيلة ) على أطراف مدينة طانطان وبساحة سميت بساحة السلم والتسامح تم اعطاء انطلاقة فعاليات موسم طانطان بحضور كل من الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية والوزيرة المنتدبة في الخارجية والتعاون والوزير الاسبق لحكومة اسبانيا ورئيس جمعية الموكار وعدد من الفعاليات والشخصات الوطنية والدولية .
وموسم طانطان هو احتفال كبير يجسد مختلف مظاهر الحياة الصحراوية بعاداتها وتقاليدها، وقد أعيد إحياؤه منذ العام 2004 بعد أن صنفته منظمة اليونيسكو ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية.
واحتفي موسم طانطان هذا العام بدورته الحادية عشرة والتي حملت شعار “اموكار طانطان تراث انساني ضامن للتماسك الاجتماعي عامل تنموي ” وتختتم فعالياته يوم 27 من هذا الشهر .
وخلال افتتاح هذه الدورة الدورة أحيى أهل الصحراء بعضا من عاداتهم وتقاليدهم، وقدموا لضيوفهم من الزوار وجها آخر للصحراء، غني بالموروث الحضاري والثقافي، غير ذلك الذي تعرفهم به عناوين أخبار السياسة.
ويقول أهل المنطقة أن هذا الموسم يعود تاريخه إلى مئات السنين، حيث كانت مختلف قبائل الصحراء تتجمع في موسم سنوي يلتقي خلاله أهلها، وتزدهر فيه تجارة قوافلها، ويتشاور خلاله أعيانها.
كما تقول الروايات التاريخية أن أهل القبائل كانوا يقيمون أثناء موسم تجمعهم احتفالات كسباق الهجن، ويتداولون في أمور العلم، و يتسامرون في أمسيات ينظمون فيها الأشعار بلغة الحسانية (لغة أهل الصحراء) وأخرى بالعربية الفصيحة لإتقانهم البارع لها.
كما يعيد سكان الصحراء تذكر أمجاد قبائل استوطنت المنطقة قديما، وما تزال جذورها قائما إلى اليوم، كان معيار التفاضل بينها أعداد رؤوس الإبل والماعز التي تملك كل واحدة منها، كما يخلد الموسم رحلات العلم التي كانت تنطلق بتعليم الأطفال القرآن وتحفيظهم لأصول العلوم الدينية في “خيمة الأهل” وتنتهي بأن يقطع هؤلاء الصحراء استدرارا للمزيد من المعرفة.
وعلى امتداد الساحة التي غصت بالخيام، والتي يقول أهل المنطقة أنها الموطن القديم لتجمع القبائل، تحمل كل خيمة اسم قبيلة، فما يزال الشعور بالانتماء القبلي حاضرا بقوة بين أبناء مدن الصحراء، وما تزال القبيلة وشيوخها يلعبون دورا اجتماعيا قويا في المنطقة.
كما تستعرض بعض الخيام بساحة تجمع القبائل طقوسا خاصة بأهل الصحراء، كمواكب الأعراس وبعض الصناعات التقليدية التي تجتهد النسوة في إبداعها تحت ظلال الخيام التي تنسجها هي نسفها من وبر الجمل.
أما الأطفال فيتجمعون في ساحات أخرى يلعبون ألعابا تقليدية شعبية منها لعبة “أردوخ” وهي شبيهة بالعراك أو المصارعة يؤديها الأطفال وهو يرددون بعض الأغاني من المروث الحساني، ولعبة “الكبيبة” التي تعتمد على كرة يصنعها الأولاد من وبر الماعز أو صوف الغنم، ويتراشقون بها فيما بينهم محاولين أن لا تسقط من يد أحدهم وإلا تعرض لعقاب المجموعة.
كما أن موسم طانطان استلهم من موروث الصحراء تاريخه وأصالة فنونه وتقاليده، فقامت عدد من فرق الموسيقى الحسانية بأداء عروض على وقع دقات الطبول والبنادير (آلة شبية بالطبلة)، تردد خلالها النساء كما الرجال قصائد من الشعر الحساني تتنوع مواضيعها، ويرقصن على وقعها هن يرتدين الملحفة (زي صحراوي خاص بنساء هذه المناطق) وقد تزين بحلي أغلبها من الفضة الخالصة المنتشرة في المنطقة.
وأفسح الموسم ساحاته لعروض قدمتها فرق موسيقية فلكلورية قدمت من عدد من المدن المتاخمة للصحراء خاصة تلك التي تعبر عن التراث الشفهي والموسيقي الأمازيغية ، فعلى ما تقص الوراية التاريخية فبين القبائل الأمازيغية وجاراتها الصحراوية نقط تلاقي وترابط تبدو شاخصة في التراث الموسيقي والشعري بل حتى في بعض أنماط الأزياء.
وعلى امتداد أسبوع كامل تتواصل فعاليات هذا الموسم التاريخي، لتعرف العالم على نسخة أخرى من الصحراء ومن حضارتها اللامادية، بعيدا عن كونها منطقة نزاع ملتهبة لم تجد بعد مخرجا لأزمة استمرت لعقود.
وفي تصريح لعبدالله العلوي المدير المكلف بالتراث الثقافي بالمهرجان موسم طانطان يعتبر محطة تراثية وثقافية بامتياز وانه لاول مرة يحضى باشراف مؤسسة الموكار وانه مستقبلا سينافس مهرجانات كبرى سواء وطنية او دولية ليستقطب اكبر عدد من الزوار الاجانب مع توفير بنية تحتية قادرة على استقطاب وايواء الزوار من جميع انحاء المغرب .
وتضمنت الدورة الحادية عشرة لموسم طانطان أمسيات فنية وندوات فكرية ومعارض تراثية تقدم جوانب من التراث اللامادي الوطني، بحسب كلام اعضاء جمعية الموكار.
وانطلقت الدورة الحادية عشرة لموسم طانطان مساء امس الجمعة باستعراض الإبل التي شاركت في سباق الهجن وفرق الخيالة التي تمثل مختلف جهات المملكة والتي قدمت طيلة أيام هذه التظاهرة عروضا في فن الفروسية التقليدية “التبوريدة”.