كرنفال “بيلماون بودماون” .. طقس احتفالي يحاول الارتقاء ب”بوجلود” إلى فرجة ذات بعد كوني
سيل جارف من ساكنة أكادير الكبير تدفقت، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على بلديتي إنزكان والدشيرة التابعتين لعمالة إنزكان آيت ملول، من أجل الاستمتاع بالاستعراض الاحتفالي الكبير المنظم في إطار الدورة الرابعة لكرنفال” بيلماون بودوان” أو “بوجلود” الذي يتزامن تخليده مع فترة عيد الأضحى.
مئات الآلاف من سكان عمالتي أكادير إداوتنان، وإنزكان آيت ملول، ومدن اولاد تايمة وتارودانت وتزنيت، امتلأت بهم جنبات الطريق الوطنية المؤدية من قلب مدينة إنزكان، القطب الاقتصادي النابض لمنطقة سوس ماسة، نحو باقي مناطق المملكة، والتي تحول نبضها إلى إيقاعات موسيقية، ورقصات متنوعة، امتدت حتى مغيب شمس أول أمس السبت.
لم يسعف الحظ الكثيرين من الاستمتاع بمشهد المشاركين في الكرنفال الذي لم يبق مقتصرا على عشاق “بوجلود”، بل اجتهد الصغار والشبان والكبار في إبداع أصناف متعددة من الشخصيات التنكرية التي جسدت أدوار مختلفة، منها ما ينتسب للبيئة المحلية، ومنها ما يجد مرجعيته في مناطق أخرى من الوطن وخارجه.
أبدع شبان مختلف الأحياء والجمعيات المدنية في عمالة إنزكان آيت ملول في تقمص شخصية “بيلماون” (بوجلود). منهم من غطى جسده بالكامل بجلد المعز، ومنهم من زاوج بين جلد الماعز ذي الشعر الطويل وجلد الخروف. ومن المشاركين كذلك من وضع قرنين فوق رأسه، ومن فضل وضع “باروكة” غريبة الشكل لإثارة انتباه المتتبعين.
كان البهلوانيون، بدورهم، حاضرون بكثرة في الكرنفال، حيث ارتدوا أشكالا مختلفة من الملابس. ووضعوا على وجوههم أصنافا مختلفة من الأصباغ التي حولت الاستعراضيين إلى “مشاهير”، كان يتسارع الأطفال لالتقاط صور بصحبتهم.
وضع البعض من المشاركين في الكرنفال أقنعة على شكل جماجم تثير الخوف في نفوس البعض، كما حملوا في أيديهم أسلحة بيضاء مختلفة الأشكال، متقمصين بذلك شخصيات قطاع الطرق في فترات زمنية غابرة.
ومقابل ذلك، حمل بعض المشاركين في الاستعراض حقيبة الإسعافات الأولية، وارتدوا وزرات الأطباء والممرضين. كما تقمصوا شخصية “الأب نويل”، وشخصية المكسيكي الذي يضع على رأسه “السومبريرو”، والخليجي المتميز بالكوفية والعقال، والمصري القديم الذي أبدع الحضارة الفرعونية.
المجسمات الكبيرة كانت بدورها حاضرة في كرنفال “بيلماون بودماون” في دورته الرابعة التي أسدل الستار على فعالياتها أمس الأحد، حيث اجتهد المشاركون في صنع مجسمات للمخازن الجماعية “إكودار” و”الخلالات” (تازرزيت) المميزة لمنطقة سوس ماسة. كما أبدعوا في صنع مجسمات لقاذفات الصواريخ والمصفحات، ومختلف أصناف الاسلحة الأوتوماتيكية الخشبة.
حضرت الدراجة الهوائية الصغيرة جدا في الكرنفال، كما حضرت الشاحنة التي تحمل المجسمات، وحضرت الدراجة النارية الثلاثية العجلات. كما حضر الحصان إلى جانب الحمار، وكان كلاهما يحملان على ظهريهما “فارسا مغوارا” بزيه وسلاحه. وحضر أيضا الخروف العملاق، وطائر النعامة اللذين صنع المجسمان الخاصان بهما بحرفية متناهية.
جسد المستعرضون، أيضا، موكب زعماء القبائل في إفريقيا السوداء، والسلاحف العملاقة، والعروسين بزيهما التقليدي الأصيل، والمقاتلين، و”الكوماندوهات” المتخصصة في العمليات التدخلية الصعبة والخاطفة، كما جسدوا بعض شعوب القبائل الإفريقية الممتهنة للقنص.
امتزج، على امتداد مسار الكرنفال، المشي مع الرقص على إيقاع أنغام مختلفة منها كناوة، وإيقاع هوارة، وأحواش، و”الطبالة والغياطة”. حضر أيضا أطفال بارعون في مداعبة كرة القدم حيث أدوا عروضا فنية أثارت انتباه المتتبعين الذين صفقوا لهم بكثرة.
استطاع كرنفال “بيلماون بودوان” أن يجلب مئات الآلاف من المتتبعين، واستطاع أيضا أن يأسر انتباههم منذ بداية فترة الظهيرة حتى وقد المغيب حيث ما إن اكتمل الاستعراض الرسمي للدورة الرابعة، حتى بدأ احتفال آخر في أحياء جماعات الدشيرة، وإنزكان، وآيت ملول، وتمسية وغيرها، أبطاله شباب الأحياء المولعين باحتفالية “بوجلود” الذي صمم منظموه على ضرورة الرقي به من طقس احتفالي محلي إلى فرجة ذات بعد كوني.