عائشة تاشنويت وسعيدة شرف : الفن لغة عالمية ورسالة إنسانية سامية تلقي مسؤولية كبيرة على عاتق الفنان
لازال الفنانون الأمازيغ والحسانيون تربطهم علاقة كبيرة مند القدم ، وهذا يظهر في مجموعة من المكونات الثقافية المشتركة بين المجتمعين ، لا سواء في العادات او التقاليد او الطقوس او حتى بعض الكلمات المتناسقة ولها نفس المعاني وخاصة اثناء المحادثة ، ادن هو فسيفساء ثقافية قل نظيرها في العالم وبالتالي فانه من الطبيعي أن يكون هناك تناغم وتجانس ، وإلا كيف يمكن أن تعيش جل الأسر المغربية جنبا إلى جنب بغض النظر عن انتمائها.
وبالرغم من الاختلاف الحاصل في النطق والمفاهيم ، إلا أن هناك تجانسا على مستوى بعض الألفاظ الامازيغية الصرفة التي نجدها تستعمل وبكثرة في القاموس الحساني كعبارة المكار التي تعني الموسم وعبارة أيت التي تطلق على جل القبائل بالصحراء بمعنى أهل، بل هناك فطاحل الشعراء الحسانيين من ادمج كلمات امازيغية في قصائدهم من باب الصورة الجمالية والانفتاح على ثقافة الآخر، مما يؤكد أن هناك تعايشا بين الثقافتين.
فلا ننسى الوحدة الترابية التي ساهمت وبكثير في التوحيد بين العنصر الأمازيغي والحساني منذ الاستعمار إلى الآن ، وسيظل التاريخ يتذكر رجالا أمازيغ من مختلف ربوع المملكة قدموا للدفاع عن مغربية الصحراء ، في المسيرة الخضراء ، بل ذهبوا ابعد من ذلك بحيث عرفوا بشراستهم وعزيمتهم في الحروب التي خاضها الجيش المغربي ضد أعداء الوحدة الترابية إلى جانب إخوانهم أبناء الصحراء الذين عرفوا بإخلاصهم وولائهم للعرش والوطن، وقدم كلا الطرفين شهداء وأسماء.
هنا لنذهب الى بيت القصيد وهو الدافع الى نشر هذه المقالة هو تزايد الارتباط الكبير بين فنانين امازيغ وفنانين حسانيين من خلال ظهورهم على الخشبات او السهرات وفي المحافل الوطنية والدولية وهم يشاركون بديوهات ووصلات غنائية رائعة ممزوجة بين كلمات ولحن مشترك امازيغي حساني غاية في الانسياق والإبداع ، وبذلك يؤثثون المشهد بفن وإلقاء رائع تشده له الادان وتنبهر منه حركاته الأعين .
وهذا المقال جاء بعد ان نجحت الفنانتين المغربيتين الكبيرتين والمعروفتين على الصعيد الوطني والدولي في تمثيل الأغنية الامازيغية والاغنية الحسانية أحسن تمثيل ، وهما : الفنانة ” عائشة تاشنويت ” و الفنانة ” سعيدة شرف ” ويرجع لهما الفضل في ربط العلاقات بين الجنوب والشمال وخاصة منطقة سوس والأقاليم الصحراوية ، لان في نظرهم كما أوضحت الفنانة عائشة تاشنويت، في حديث للجريدة، أن ثقل المسؤولية الفنية يكمن أولا تجاه الوطن من خلال نوعية الإبداعات التي يقدمها الفنان، التي ينبغي أن ترتقي بوجدان وأخلاق أبناء وطنه، ثم تجاه العالم باعتبار أن الفن لغة عالمية لا تحتاج إلى مترجم، لأنها تخاطب القلوب والأحاسيس والمشاعر وتقول الفنانة سعيدة شرف : إن الفن لا حدود له، وبهذه الصفة يمكنه أن يضطلع بأدوار مهمة في التقريب بين المجتمعات، وحل النزاعات والخلافات بين الدول، ونشر المحبة والوئام.
هكذا استطاعت الفنانتين، اللتان يمكن اعتبارهما امرأتين من زمن الالتزام، أن تشقا طريقهما بسلاسة وهدوء، بعيدا عن أضواء الكاميرا والكليبات العصرية، إلى قلوب جميع المغاربة والعالم من عشاق الطرب والفن الأصيل، لترسخ اسميها عن جدارة واستحقاق في سجلات الأغنية المغربية الامازيغية الحسانية الاصيلة.