أراء وحواراتربورطاجات

ربورتاج حول … نادلات المقاهي بالدشيرة الجهادية بين البحث عن لقمة العيش وتهمة الدعارة.

في السنوات الأخيرة طفت على السطح ظاهرة الفتيات العاملات بالمقاهي ”الجرسونات” في أغلب مقاهي  مدينة الدشيرة الجهادية، وبشكل ملفت للنظر، إلى درجة أن المقاهي التي كانت شبه فارغة من الزبناء تراها ممتلئة عن أخرها في وجود النادلات، و أصبح بعض الأشخاص لايستطيعون الجلوس إلا في المقهى التي بها نادلات لمحاولة التحرش بهن.

    فتيات في مقتبل العمر، يستقبلنك بابتسامة عريضة وكلهن حيوية ونشاط، يلبين طلباتك، تراهن طوال اليوم يتنقلن بخفة بين الطاولات لخدمة الزبائن وهن يتغاضين عن تحرشاتهم ومضايقاتهم للحفاظ على لقمة عيشهن، فتيات يطلب منهن الاعتناء بالمظهر والتقيد بالكثير من اللطف واللباقة في التعامل مع الزبناء، منهن من اختارت الطريق بمحض إرادتها، ومنهن من وجدت نفسها مجبرة على السير فيه في غياب البديل.

    غالبيتهن لا يتوفرن على مؤهل دراسي وبعضهن لم يلجن المدرسة قط، ينحدرن من القرى والمدن المجاورة لمدينة أكادير، سدت في وجوههن الأبواب ليجدن أنفسهن داخل مقاهي من اجل كسب لقمة العيش .

سُمعة “مُسيئة”

    نظرات الجالسين في المقاهي من الرجال لا تخطئ تحركات النادلات المتنقلات بين أرجاء المكان، وهن يقدمن خدمات ويلبين طلبات الزبناء من مختلف المشروبات، من كؤوس للقهوة والشاي والمشروبات الغازية وحتى السجائر. وقد يتجاوز الأمر حدّ النظرات إلى تحرش لفظي أو باللمس من طرف بعض الزوار، في سلوك تختلف ردود فعل النادلات تجاهه.

    في مقهى بحي فاديسا، تشتغل نعيمة (اسم مستعار) نادلة منذ قرابة 5 أشهر، تحكي لجريدة أحداث الدشيرة عن قصة “التحرش” و”النظرات غير البريئة” تستمر طول النهار، “هناك من يظن أن الطلبات التي نلبيها للزبناء في النهار يقابلها عمل ليلي بأن نقدم خدمة جنسية … وهذا أمر يسيء لي ولعدد من النادلات”.

   وتضيف سعاد: “لا شك أن هناك من الخادمات في مجالنا من اخترن الدعارة الليلة، ويصطدن الفرائس من المقاهي، وهو أمر معروف، بدافع مضاعفة مدخولهن الشهري. وهناك من لجأن إلى هذا العمل الدنيء اضطرارا وليس اختيارا لأن الأجر الشهري لا يكفي بتاتاً”، لتشدد على أن هناك من وصفتهن “الشريفات” اللائي يعملن في هذه المهنة “بخلق وباحترام يفرضنه على الزبناء، وحتى على رب العمل بنفسه”.

    أما لطيفة (19 سنة) تقول للجريدة : توجهت إلى صاحب المقهى التي افتتحت حديثا بأحد الأحياء الشعبية و فاتحته في رغبتي في العمل لديه و أخبرته بأنني لا أملك أية  تجربة مسبقة رحب بالفكرة و اخبرني بأنه كان في صدد البحث عن فتاة لتعمل كنادلة بالمقهى و عن شروط العمل اخبرني بان ارتداء ملابس مثيرة سيكون في صالح المقهى خاصة و أنها حديثة و بحاجة للزبائن و بأنني “كل ما كان خاطري واسع غتكون تدويرة كبيرة” اي سأتمكن من التحصيل على  إكراميات مرتفعة  و بأنه يرفض أن يتلقى شكاوي من الزبائن ضدي و إلا سيضطر إلى طردي و أردف قائلا “البنات لي بغاو لخدمة في القهوة عطى الله”.

    أرباب المقاهي لا يترددن في الاعتراف بان الدافع الأول في تشغيل الفتيات هو الربح المادي وكسب الزبائن و أن تشغيلهن أصبح امرأ ضروريا و إلا فان المقهى سيغلق أبوابه.

عمل متعب وأجر زهيد

   بحسب ما استطلعته جريدة أحداث الدشيرة من آراء عدد من نادلات مقاهي بجل مقاهي مدينة الدشيرة الجهادية، فإن متوسط الأجرة الشهرية لا تتجاوز، في بعض الأحيان، 1500 درهم، وقد تتفاوت من مقهى لآخر، في حين تغيب كل حقوق مزاولة المهنة، التي تنتمي إلى قطاع “الفنادق والمطاعم” المصنف كقطاع “ثالث” بحسب المندوبية السامية للتخطيط، من تغطية صحية أو تصريح بالعمل أو حتى عقد الشغل.

   أما يوم النادلة، فتبدأ بالالتحاق بالعمل في الساعة السابعة صباحا، بغرض الإعداد لمتطلبات اليوم وتنظيف المكان وتجهيز الكراسي والطاولات، قبل أن ينطلق العمل الفعلي ابتداء من الساعة الثامنة والنصف، “هناك بعض النادلات يشتغلن اليوم كله حتى حدود الساعة العاشرة ليلا، وهناك من يعملن وفق نظام التناوب إلى حدود الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الزوال”، تقول مريم (اسم مستعار)، 20 سنة.

   وتضيف سارة (22 سنة) أن نظرة المجتمع إلى عمل المرأة وخروجها من المنزل لا تزال سلبية وغير عادية، “وأن تشتغل وسط الرجال في مقهى، لا شك أنّ النظرة ستكون أكثر سلبية”، فيما اعتبرت أن “الشابة صارت مثل الشاب، فهي ملزمة بالعمل رغم أن الفرص قليلة جدا”، لتورد أنه وأمام البطالة الحادة في صفوف النساء، “اللهم العمل ولو في ظروف مثل ظروف المقهى، أو الارتماء بين الدعارة وغيرها من المهن اللاأخلاقية”.

   و تعود بنا نجاة (25 سنة) إلى يومها الأول في الاشتغال داخل مقهى، “أول ما اشترط علي صاحب المقهى أن أتردي لباساً ضيقا من الأسفل على وجه الخصوص، وأن أضع مواد التجميل حتى أبدو مثيرة ومغرية للزبناء في سبيل جلب مزيد من المرتادين”، موردة أنها قابلت الشروط بتردد في البداية “لأتقبل الواقع الذي يفرضه أرباب المقاهي إلا من رحم الله، ما يجعلنا أمام أناس يحملون نظرات غير بريئة تجاهنا، فيما يوجد عدد من الناس من يحترمنا ويقدر وضعيتنا بكوننا نعمل بشرف”، تخلص المتحدثة.

بتصرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: