عْلِّيوي: الفنان الأمازيغي “محكور” .. و185 درهما للمشهد التلفزي
تفتح هسبريس هذه الزّاوية خلال شهر رمضان لمجموعة من الفنانين الأمازيغ، خاصة الممثلون الذين أفنوا أعمارهم في التمثيل، ليتحدثوا عن تجربتهم الإنسانية، بداياتهم، طفولتهم، وقصة ولوجهم إلى المجال الفني.. فنانون يعرفهم الصغير والكبير، من خلال أعمالهم التي اشتهروا بها منذ ما يزيد عن عقدين..
بعضهم لازال يتسلق جبلَ النجاح، وبعضهم “اعتزل” وطرق أبواب الضيعات والمعامل، بحثا عن لقمة العيش، وآخرون يعانون في صمت دون أن يجدوا أذنا صاغية، بعد أن تنكر لهم الجميع، وهم الذين أفنوا زهرة شبابهم في إمتاع الجُمهور وإضحاكه..يتحدثون بكل عفوية، ولا نغير شيئا من كلامهم سوى ترجمته من الأمازيغية إلى العربية.
حسن عليوي (من مواليد 1974 بإنزكان)
ولدت بإنزكان في أبريل سنة 1974، ودرست بكل من الموحدين، والمرابطين، ثم ثانوية عبد الله بن ياسين.
أغرمت بالفن منذ طفولتي، إذ كنت أتفرج في “الحَلْقات” التي كانت تقام بسوق الثلاثاء بإنزكان، قبل بناء السوق الحالي..كنت أحب ما يقوم به “الحلاقية” من أجل الترفيه عن المتحلقين حولهم؛ ومنذ ذلك الحين فكرت في أن أقوم بإمتاع المتفرجين أيضا.
بدأت مشواري الفني بدار الشباب مع جمعية الشعلة بإنزكان، ثم انتقلت إلى جمعيات كثيرة، أمارس معها المسرح؛ لكنني تخليت عن نشاطي الفني هناك عندما أدركت ضيق الآفاق، فذهبت إلى أكادير..اجتزت تدريبا من ثلاث سنوات مع فرقة “أفراد”، أنجزنا بعدها عملا بعنوان “الالتباس”، شاركنا به في الدورة الأولى من مهرجان المسرح الجامعي.
التحقت بعد ذلك بفرقة المسرح الطلائعي، رفقة حسن بديدة وادريس العلام وعبد الله العبداوي، وشاركت رفقتهم في مجموعة من الأعمال، مثل “البركاصة”، و”حلوا الباب”، و”رد البال لاتهبال”، وغيرها.
كان أول فيلم لي بعنوان “الكنز أور إتكمالن”، وهو من صنف ما يعرف بـ”أفلام الفيسيدي”، رفقة عاطيف وبردواز وغيرهما، ومن إخراج عزيز أوالسايح؛ ثم شاركت في 10 أفلام سينمائية مع نبيل عيوش، وتوالت الأعمال التلفزية والمسرحية.
أحمد القرّان
من بين الأعمال التي أعتز بها، وأفتخر بأنني أديتها، فيلم “حماد القران”، من سيناريو أحمد بردواز وإخراج عزيز أوالسايح..هذا العمل الذي شاركت فيه رفقة وجوه أمازيغية مقتدرة، أعجب الناس كما أعجبني. كما اعتز كذلك بمشاركتي في أول “سيتيكوم” أمازيغي بعنوان “تيويسي”، رفقة بيكركار، وأمينة شاوي، وأمسكين، وعاطيف، وبردواز… لم يكن العمل مشجعا من الناحية المادية، لكنه كان تجربة جيدة بالنسبة لي.
في ما يخص الأعْمال التي أديتها بالدارجة، أحببت سلسلة “ياك حنا جيران”، التي رفعت أسهمي في البورصة الفنية، وفتحت لي آفاقا أُخرى.
القرصنة
الفنان الأمازيغي مهمش و”محكور”، ومن مظاهر التهميش و”الحكرة” القرصنة، التي لا تريد الدولة أن تجد لها حلا.. ومنطقة سوس حالة خاصة، تستدعي أن تتدخل الدولة لضمان قوت الفنانين الذين يعيشون من أعمال “الڤيسيدي”، لأن الأعمال التلفزية قليلة، ولا توفر الشغل لجميع المشتغلين في المجال الفني، وإن وفرته فلا يعدو أن يكون مؤقتا وموسميا.
185 درهما للمشهد
القائمون على الأعمال التلفزية لا يُشغلون في الغالب الممثلين المحترفين، وإنما يعتمدون على وجوه جديدة بهدف تقليص التكلفة وتحقيق ربح كبير.. أما بالنسبة للتعويضات فالأمر كارثي، فمسلسل رُصدت له ميزانية 950 مليونا أخذت فيه البطلة 3 ملايين كأجر، وآخر نال 8000 درهم..اتصلت شركة منفذة للإنتاج بممثل معروف وطلبت منه الاشتغال مقابل 185 درهما عن كل مشهد، ومؤخرا طلبوا من الأستاذ أحمد بادوج أن يمثل سبعة مشاهد في مسلسل مقابل ألفي درهم. وبادوج رجل معروف وممثل مقتدر، يحظى باحترام الجميع، وقدم خدمات جليلة للفن الأمازيغي، وعلى يديه تخرج العديد من المشاهير بسوس. ثم إن الممثلين لا يتضامنون في ما بينهم، ويخافون من طلب أجر مرتفع وترك المجال لمن يقبل بأقل منه.
ما يجب فعله
على الفنانين أن يتحدوا لينالوا حقوقهم، وأن يعرفوا أنه عندما يشتغل أحدهم في “سيتكوم” فيجب أن يأخذ 14 أو 15 مليونا، وإذا شارك في “تيلي فيلم” فعليه المطالبة بــ5 أو 6 ملايين، خاصة بالنسبة للأدوار الرئيسية.. صحيح أن هناك ظروفا مادية وعائلية تُجبر بعض الفنانين على قبول تعويضات هزيلة، لكن لا يعقل القبول بمبلغ 3 ملايين في دور رئيسي في مسلسل ميزانيته 950 مليونا.
أتمنى من مسؤولي الجهة أن يشجعوا المواهب المحلية، لأن الفنانين الحاليين سيشيخون بعد سنوات، ولم يتم تكوين جيل آخر لتعويضهم..يجب تكوين الشباب في المسرح، وإحداث مراكز تكوين في أكادير والجهة.
كما أتمنى من المسؤولين عن الشأن الثقافي بالجهة خلق فرقة مسرحية بأكادير، تجمع خيرة الفنانين، لإنجاز أعمال مسرحية تعرض جهويا ووطنيا ودوليا، لتشريف أكادير وسوس؛ فلدينا كفاءَات كبيرة لا ينقصها إلا الدعم والتأطير ومن يأخذ بيدها.