المحطة الطرقية لانزكان:نقل..نشل.. تسول و إدمان
بقلم: سعاد عيلال
تأسست في النصف الأول من القرن الماضي ، تعتبر صلة وصل بين الجنوب والشمال، هذه هي “المحطة الطرقية لانزكان”، حركة دؤوبة داخلها ، منذ الساعات الأولى من الصباح إلى ما بعد العاشرة ليلا, فتخف الحركة ولكنها لا تتوقف.
سيارات أجرة كبيرة وأخرى صغيرة،بالإضافة لحافلات نقل المسافرين ، وحافلات النقل الحضري ، لكل نوع حيز محدد ولكنه ضيق مقارنة مع العدد الكبير لوسائل النقل هذه ، لذلك فالازدحام خانق, ومما يزيد الطينة بلة احتلال الباعة المتجولون للأرصفة المخصصة للمارة ، الشيء الذي يجبرهم على المشي في الأماكن المخصصة للسيارات مع ما يحمله ذلك من مخاطر ، في هذا الازدحام الخانق يستغل النشالين الفرصة ليفرغوا جيوب المارة و المسافرين.
أما المتسولون المحترفون فتلك قصة أخرى ، يتمركزون على الخصوص في الحيز المخصص لحافلات نقل المسافرين، ينتقلون من حافلة إلى أخرى ، يتفننون في اختراع طرق التسول ، فهذه امرأة في الخمسين من عمرها تقوم بتوزيع أوراق على ركاب الحافلة من دون أن تتكلم ، مكتوب على هذه الأوراق”أنا أرملة لدي خمسة أطفال ولا معيل لي عاونوني عفاكم باش ما سخاكم الله باش نتغلب على مصاريف الكراء و الماء و الضو” ثم تقوم بجمع هذه الأوراق ، متسول آخر رجله مقطوعة ، أو هذا ما يبدو عليه الأمر ، يصعد للحافلة ويبدأ في استدرار عطف الركاب باللغتين العربية و الامازيغية”عاونو هاد المسكين على الله…الله يوصلكم على خير…عاونو هاد الموعويق…”.
المثير للاستغراب هو أن سائقي الحافلات لا يمنعوهم من الصعود للحافلة – مع ما يسبب ذلك من إزعاج للركاب- بعذر أنهم “كيترزقو مساكن وما كيحيدو لحد لفلوس بزز”,ليس المتسولون فقط بل أيضا بائعي الشكلاط والكلينيكس والحلي المزيفة و بائعي الموز وغيرهم ، الكل ينتقل من حافلة إلى أخرى.
المدمنون في كل ركن من هذه المحطة –خاصة منهم الأطفال- يتنقلون بين جنباتها ، يحاولون استدرار عطف المسافرين ليمنحوهم دريهمات يشتروا بها “السليسيون”، يقومون بفتح الباب لركاب سيارات الأجرة وغلقه, ثم يطالبوهم بدفع درهم لقاء هذه الخدمة أو”باش ما سخاك الله” ، في الليل يتخذون من المحطة مأوى لهم ، يفترشون الكرتون، وينامون هنا وهناك, أحيانا كثيرة تحدث بينهم مشادة في جنح الظلام ، قد تتحول إلى معركة بالحجارة ، وقد تؤدي إلى تكسير الزجاج الأمامي أو الخلفي لحافلات نقل المسافرين، يخبرنا سائق حافلة لشركة نقل معروفة “لقد تعرضت لهذا الموقف عندما توقفت لينزل المسافرين بهذه المحطة, وأديت ثمن الزجاج من جيبي ولقد تعرض لهذا الموقف زملاء آخرين لي”.
أكثر ما يثير انتباه زائر هذه المحطة: الضجيج وانتشار الأوساخ, إضافة إلى الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف، خاصة قرب السور حيث المراحيض والكراسي الإسمنتية المخصصة للجلوس ، والتي لا يجلس عليها احد والسبب واضح.
الحالة المزرية لمحطة إستراتيجية تعتبر نقطة وصل بين شمال و جنوب المملكة، تجعلنا نتساءل عن أسباب إهمال السلطات المحلية لها.