أخبار وطنيةربورطاجات

لسعات العقارب تقتل المغاربة .. علاجات بدائية ورعب الأقارب

“ولد جارتنا عضاتو العقرب ومات”، “العقارب مسمومة”، كلمات تؤرق كثيرا بال المغاربة، إذ غالبا ما يسلم ضحايا لدغات العقارب الروح لبارئها وسط المراكز الصحية الجماعية والمستشفيات الإقليمية، بحكم افتقارها للتجهيزات الطبية وقاعات الإنعاش، وكذا بسبب غياب العنصر البشري المختص والمؤهل للتعاطي مع هذه الحالات الواردة.

تثير لسعات العقارب مخاوف المواطنين المغاربة لما يصاحبها من أعراض قد تودي بحياة ضحاياها، وسط مجتمع لازال يؤمن بالطرق البدائية للعلاج، مثل الكي و”التشراط” ومص موضع اللسعة، بالإضافة إلى استعمال غاز البوتان للقضاء على السم.

أرقام مخيفة

أرقام مقلقة تلك التي أوردها المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، السنة المنصرمة، بخصوص لسعات العقارب التي تأتي على رأس قائمة حالات التسمم بالمغرب، بما مجموعه 27 ألفا و397 إصابة، موزعة على 57 من عمالات وأقاليم المملكة، أغلبها بجهة سوس ماسة درعة، متبوعة بجهة مراكش تانسيفت الحوز، تليها جهة دكالة عبدة، مشيرا إلى كون غالبية المصابين بلدغات العقارب هم من الأطفال دون سن 15 سنة.

سعيد العباري، بصفته طبيبا مختصا في التخدير والإنعاش، قال في تصريح لهسبريس إن المغرب يعرف تواجد أكثر من 50 نوعا من العقارب موزعة على أقاليم التراب الوطني، وتعتبر “Butus occitonus” و”androctonus mauritanicus” من الأنواع الأكثر انتشار والأكثر خطورة وتهديدا لحياة البشر.

وأضاف المتحدث نفسه، استنادا إلى إحصائيات المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، أن المغرب يسجل قرابة 30000 لسعة عقرب سنويا، بينها 300 حالة تسمم و500 حالة تشكل خطرا على حياة المصاب وتستوجب العلاج بمصلحة الإنعاش، مشددا على كون أغلب الإصابات تسجل بين الفترة الممتدة بين شهري يوليوز وشتنبر، وتهم الأطراف العليا والسفلى، وتقع غالبا ما بين الساعة الثامنة صباحا والسادسة مساء.

وعاب العباري لجوء بعض الناس إلى عادات وممارسات عشوائية لعلاج لدغات العقارب، “كالتشراط” عبر إحداث خدوش وجروح بمحاذاة موضع اللسعة، أو استعمال مادة الحناء وغاز البوتان مع ربط الذراع، معتبرا الأمر “معتقدا سائدا وفاسدا يؤخر المصاب عن الولوج إلى العلاج الحقيقي، إلى جانب مساهمة هذه الممارسات العشوائية في انتشار السم بشكل سريع مع تعفنات جلدية بمضاعفات خطيرة”.

انتقاء المصابين ومنهجية العلاج

وعرج الطبيب الحاصل على دبلوم التخصص المعمق في التخدير بفرنسا على تدابير التشخيص والعلاج، داعيا إلى ضرورة تبني منهجية علاجية موحدة لتفادي الاكتظاظ بالمستعجلات، من خلال فرز الحالات حسب خطورتها لتوفير العلاج المناسب لكل حالة على حدة، مستحضرا سحب المصل المضاد لسم العقارب، إذ أصبح غير معمول به منذ سنة 2000 بحكم عدم فعاليته وتسببه في أعراض جانبية خطيرة.

وأبرز العباري: “ظهور تغييرات فيزيولوجية وأعراض جانبية تصاحب لسعات العقارب، كالشعور بالألم والاحمرار والانتفاخ على مستوى موضع اللسعة، بالنسبة للحالات الخفيفة، يتم التعاطي معها محليا بتعقيم موضع اللسعة وتمكين المريض من أدوية لمكافحة الآلام أو وضع الثلج على موضع الألم في حالة الافتقار إلى مسكنات، مع ضرورة مراقبة حالته الدينامية لأربع ساعات، فإن استقرت يمكنه مغادرة المركز الاستشفائي”.

وأشار الطبيب الأخصائي في التخدير والإنعاش إلى حالات حرجة تعرف أعراضا متفاوتة الخطورة، كالقيء والتعرق الشديد المصحوب بارتفاع في درجة حرارة الجسم، إلى جانب انتصاب دائم على مستوى العضو الذكري، مؤكدا أن ظهور عرض واحد من بين الأعراض المذكورة يستوجب العلاج بالعناية المركزة ويتطلب وسائل الإنعاش لمد المريض بالأوكسجين مع تمكينه من دواء (dobutamine) لتحسين عمل وظيفة القلب.

وختم الدكتور العباري حديثه إلى هسبريس بالتشديد على ضرورة التوجه إلى أقرب مركز صحي في حالة التعرض للسعات العقارب، داعيا المواطنين إلى تجنب البدع والممارسات العشوائية في العلاج، مع تسجيل ساعة اللسعة ليتم أخذ النظر بها خلال الفحص الطبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: