خالد البركاوي: مايسترو يجمع بين التراث الأمازيغي والحداثة في حفل أسطوري..بقلم باسين عبد العزيز

بقلم:باسين عبد العزيز
في ليلة مفعمة بالفن والإبداع، احتضنت مدينة أكادير حدثًا موسيقيًا راقيًا حمل بصمة المايسترو خالد البركاوي، الذي نجح في تقديم عرض موسيقي متكامل، مزج فيه بين التراث المغربي العريق والتحديث الموسيقي العصري. لم يكن هذا الحفل مجرد مناسبة عابرة، بل امتدادٌ لتجارب فنية سابقة تميز بها البركاوي، الذي استطاع أن يرسّخ اسمه كأحد أبرز صناع العروض الموسيقية في المغرب.
عرف البركاوي منذ سنوات بقدرته الفريدة على الجمع بين الأنماط الموسيقية المغربية في قالب متناغم، حيث قدم في هذه الليلة توليفة من الفن الصحراوي، الهواري، والفلكلور الأمازيغي، مما أضفى على الحفل روحًا موسيقية غنية ومتجددة. لم يكن العرض مجرد أداء تقليدي، بل رحلة فنية أبدع خلالها البركاوي في رسم ملامح موسيقية متنوعة، حيث استطاع أن يمزج بين النغمات بحرفية عالية، ما جعل الجمهور يتفاعل بحماس مع كل مقطوعة.
بمشاركة أكثر من 80 فنانًا، جاء الأداء متكاملاً، حيث عزفت الأوركسترا بإتقان، وانسجمت الآلات الموسيقية مع الأصوات العذبة، بينما تزينت السهرة بعروض راقصة زادت من جمالية المشهد الفني.
لم يكن نجاح الحفل محصورًا في الجانب الموسيقي فقط، بل امتد ليشمل التنظيم المحكم الذي ساهم في تقديم عرض متكامل. لعبت عناصر الأمن الوطني دورًا أساسيًا في توفير أجواء مريحة للجمهور، مما سمح لهم بالاستمتاع بالعروض دون أي عراقيل. كما كان لفريق الأمن الخاص، بقيادة أروهال وزملائه، دور بارز في تسهيل عملية الدخول والخروج، وضمان انسيابية الحدث، الأمر الذي عزز من جودة التجربة التي عاشها الحضور.
إلى جانب الموسيقى، حمل الحفل لمسة بصرية مميزة بتوقيع المصمم الأمازيغي يوهامو، الذي نجح في تقديم أزياء مستوحاة من التراث الأمازيغي، بأسلوب جمع بين الأصالة والتحديث. لم تكن هذه الأزياء مجرد زينة، بل كانت امتدادًا للرؤية الفنية التي سعى المنظمون إلى تقديمها، حيث تعانقت التصاميم التقليدية مع الأضواء والمؤثرات البصرية، ما جعل السهرة تبدو كلوحة فنية حية تعبّر عن جمال الثقافة المغربية.
استطاع يوهامو بدوره أن يجعل الملابس جزءًا من العرض، حيث صُمّمت الأزياء بما يتناسب مع روح الموسيقى والأداء الحركي، مما أضفى على السهرة طابعًا ثقافيًا فريدًا، جعل كل تفصيل فيها يروي قصة من عمق التراث المغربي.
الحضور كان جزءًا أساسيًا من نجاح الحفل، حيث تفاعل الجمهور مع كل لحظة، منسجمًا مع الإيقاعات والنغمات، مما أضفى على السهرة طاقة إيجابية زادت من حيوية العرض. لم يكن التفاعل مقتصرًا على التصفيق والهتافات، بل امتد ليشمل مشاركة وجدانية مع كل مقطوعة، وكأن الجمهور كان يعيش كل نغمة بإحساس عميق.
لقد كان هذا الحدث أكثر من مجرد عرض موسيقي؛ فقد شكل لقاء فنيًا متكاملاً يجسد التقاء الأصالة بالحداثة في أبهى صورها. كانت تلك السهرة تجسيدًا حيًا للإبداع، حيث اندمجت الموسيقى، التنظيم المحترف، والجماليات البصرية في تناغم تام، مما جعل الحفل بمثابة لوحة فنية حية تروي قصة ثقافية غنية. وهذا النجاح لا يقتصر فقط على الأداء الفني الممتاز، بل يعود أيضًا إلى التنسيق المثالي بين جميع المشاركين، من الفنانين إلى المنظمين، ومن عناصر الأمن إلى المصممين. وهكذا، أثبت هذا الحدث مكانة أكادير كمنارة للفن والثقافة، مقدّمًا صورة مشرقة للمشهد الفني المغربي.