مهرجان ” توبقال “الأطلس الكبير بتـارودانت.. بوابة للتعريف بمؤهلات طبيعية ساحرة ( + صور رائعة )
وأنت تغادر مدينة تارودانت في اتجاه الغرب ، وعلى بعد حوالي 130 كيلومتر تستقبلك مناظر طبيعية خلابة، وتجد نفسك محاصرا بين جبال شامخة وهضاب متموجة.. إنها منطقة توبقال الساحرة !
وبالرغم من المؤهلات الطبيعية والسياحية التي تتميز بها، تئن جماعة توبقال والنواحي تحت وطأة قساوة الظروف الطبيعية، كما أن تموقعها في منطقة هامشية تتسم بوعورة مسالكها لم يمنعها من تعبيد الطريق لأبنائها ( الدواوير الاخرى المشكلة لتوبقال ) من أجل ايجاد المخارج الممكنة لتحقيق اشعاع للمنطقة والبحث عن سبل تحقيق الإقلاع التنموي المنشود، الشيء الذي ترجمته العديد من المبادرات التنموية للمجلس الجماعي ولعديد من المؤسسات العمومية.
واقترن اسم جماعة “بجبال توبقال الشامخة”، بأشجال اللوز والعرعار والزيتون والتين والصبار ، وبمهرجان “توبقال” كمناسبة سنوية اشعاعية دأبت فعاليات جمعوية ومنتخبة على تنظيمها والحرص على استمراريتها.
مهرجان توبقال .. بوابة للتعريف بالمنتوج المحلي
على أحر من الجمر، تنتظر تعاونيات المنطقة، هذه المناسبة، التيانطلقت هذه السنة يوم 18 غشت إلى غاية 20 منه، بالتزامن مع الإحتفال بثورة الملك والشعب وعيد الشباب، لعرض منتوجاتها المتنوعة، وخصوصا تعاونيات انتاج العسل والكركاع واللوز والصبار ، الذي يشكو اكراهات غياب العصرنة في انتاجه، وفضاءات لتسويقه، كما برمجت ادارة المهرجان ورشات حول تقنيات إنتاج اهذه المواد وطرق تسويقها.
ويراهن عدد من أعضاء التعاونيات المحلية على مهرجان توبقال، لتضييق الفجوة بين المنتج وزبنائه، ولتنمية موارد تعاونياتهم، والتعريف بالمنتوج المحلي والذي يتسم بمواصفات متميزة وجودة عالية، يبحث عن الزبون الوافد على المنطقة وأبناء الجالية المغربية بالخارج.
ويعتبر المهرجان لبنة من اللبنات الأساسية في التعريف بالمؤهلات وخصائص المنطقة، باعتباره فضاء يساعد على خلق وتنمية حركية السياحة الداخلية والاقتصادية وترويج للثقافة التراثية المحلية.
اختضان طاقات فنية من أبناء المنطقة بصمت المجال الفني المغربي
تمر سنة وتحل أخرى، ويكشف المهرجان عن نجاحات متصاعدة، حيث استطاع، خلال مختلف دوراته، استقطاب ألمع نجوم الفن الامازيغي المغربي، بالموازاة مع احتضان الفنان المحلي، حيث تزخر منطقة توبقال بطاقات ابداعية بصمت المجال الفني المغربي.
وكان لجمهور المهرجان بالسهرة الاولى المبرمجة ضمن فعالياته موعدا مع عدة تكريمات منها تكريم وجوه معروفة بالمنطقة اعطت الكثير وساهمت في تنمية واشعاع المنطقة وبشكل كبير وفي جميع المجلات ، ليليه بعد ظلك العرض الغنائي للفنانة ” كلثومة تمازيغت ” التي كانت سيدة السهرة وتجاوبت معها الجماهير بشكل كبير حتى سدول خيوط الفجر بعد ان تبعها عرض للمجموعة الشبابية ” أداكن ” ، ليفسح المجال للفنان الفكاهي الكبير ” الحسين شاوشاو ” الذي اضفى على محية الجماهير الغفير الفرفشة والحبور عبر تقديمه لمجموعة من المستملحات الفكاهية التي اضحكت الكبي والصغير .
وتتميز هذه الدورة من المهرجان بتجسيد الإدارة المنظمة لشعار ان الإلتزام صنو البقاء، وأن التطور الذي تلامسه الساكنة من دورة الى أخرى يحفز ساكنة جماعة توبقال على المطالبة بإيلاء الأهمية لمهرجان توبقال والحرص على استمراريته وتطويره، من حيث محتوى فقراته وتمديد أيام المهرجان، وبرمجة فقرات تبرز قوة العرض السياحي للمنطقة، وتوسيع قاعدة الفئة المستهدفة من فعاليات المهرجان، واستقطاب شركاء، داخل الوطن وخارجه، لتسويق مؤهلات المنطقة على أمل استثمارها في التنمية المحلية.
روبورطاج عن المنطقة مرفوق بالصور
قابلتنا القمم الأمامية للأطلس الكبير وجها لوجه ونحن في طريقنا إلى ” توبقال” ، وطالعتنا هذه الأعالي على كنوز أثثت ذاكرتها الجماعية بالدماء والدموع يوم احتضنت هذه الجبال بأذرعها الصلبة رجالا استرخصوا حياتهم من أجل الدفاع عن وطنهم وهويتهم إبان الاستعمار الفرنسي …واصلنا المسير و لم نبال برتابة الزمن ، ولم نشعر بطول المسافة بهذه المسالك الوعرة ونحن متوجهين إلى قمم ” توبقال” ، بل شدتنا المناظر الجميلة إليها شدا ، كل مشهد طبيعي يسلمنا إلى مشهد آخر من أودية وشلالات وأشجار، لكن ومضات من الخوف تنتابنا من حين لآخر جراء تآكل جنبات الطريق وانتشار الأحجار الصخرية الضخمة التي تحطها السيول من عل فتتساقط بحجمها الكبير على الطريق وأخرى برزت بثلثي حجمها في الهواء على أهبة السقوط …
وبعد هذه اللوحات الرائعة بوديانها وأشجارها الخضراء يخامرك سؤال وأنت تصافح ثلوج هذه الرواسي ، هل سيفلح المسؤولون في إعادة الاعتبار لهذه المناطق الجبلية التي استشرى فيها الفقر والأمية جنبا إلى جنب وقضى التهميش على أحلام أبنائها…؟ وهل هذا الجمال الطبيعي كله لا يشفع لهذه المنطقة أن تحظى بعناية المسؤولين …؟ إنها أسئلة التقطها سمعنا من صدى هذه القمم ولعلها رسالة إلى الذين أصموا آذان ساكنة هذه المناطق بالحديث عن تطوير السياحة الجبلية منذ سنوات دون شيء يذكر…!!!
الموقع..البنيات ونمط العيش …
تعتبر جماعة توبقال من أبعد جماعات إقليم تارودانت بالجهة الشمالية الشرقية بحوالي 152 كلم، وعن أولوزبـ 72 كلم وتنتمي توبقال إداريا إلى دائرة تاليوين وقيادة ” أسكاون”، ويبلغ عدد ساكنتـها حوالي 10000 نسمة مـــــــــــوزعة على 45 دوارا و أربـــــع مشيخــات ( إلماراخت- أيتلتي- تيزكي- إمين تيزكي).
يزاول معظم ساكنة توبقال فلاحة بسيطة كزراعة الحبوب من شعير و ذرة وقمح ، وإلى جانب الفلاحة فقد وفرت هذه الجبال كلأ لمئات من رؤوس الماعز والغنم ، ورغم تعاطي بعض أبناء المنطقة مؤخرا لإحدى النباتات الثمينة ك “الصوصبان” و”الزعفران” غير أن إنتاج هاتين النبتتين ما زال محتشما وضعيفا ، إذ لا يستطيع الأهالي – حسب أحد الفاعلين الجمعويين بالمنطقة- التخلص من نمط العيش التقليدي بسبب الفقر و غياب التأطير قصد الإستثمار في المنتوجين الثمينين وتطوير انتاجهما.
تعاني جماعة توبقال من ضعف في البنيات الصحية بحيث أن المنطقة بكاملها تتوفر على مستوصف واحد بلا مركز ولادة و يشرف على هذا المستوصف ممرض واحد، مما أثار حفيظة العديد من نساء المنطقة اللواتي طالبن على لسان مستشارتان جماعيتان بالمنطقة بتعيين ممرضة تشرف على تمريض النساء وتشجيع إحداث صيديلة قريبة لهذه المناطق النائية.
وفي سياق متصل، قال أحد أبناء هذه الجماعة في لقاء إن السكان يعيشون محنة في تنقلاتهم لقضاء أغراضهم وخاصة في حمل مرضاهم إلى المستشفى بتارودانت خصوصا النساء الحوامل اللواتي ما زلن يحملن في بعض الدواوير بالنعوش على الأكتاف ومنهن من يتوفين في الطريق“.
ويشعر العديد من ساكنة “توبقال” بما وصفوه بالنسيان والتهميش لمنطقتهم بالرغم من توفرها على المؤهلات الطبيعية خصوصا المائية، فإن استغلال هذه المياه كان محدودا مقارنة مع مستوى عيش الساكنة ، وعزا أحد الشبان الأسباب الحقيقية لهذا الركود إلى تفشي الأمية في أوساط الساكنة، وعزلة هذه المناطق عن العالم بسبب افتقارهم لوسائل المواصلات ، هذا ورغم الرقعة الجغرافية الهامة لقمم جبال توبقال المطلة على الأودية الدائمة الجريان ، فإن ذلك لم يشفع لها من أن ينخر الفقر جسمها ، وأن تحرم من أبسط الخدمات الاجتماعية.
مؤهلات سياحية تستحق التشجيع…
تزخر المنطقة بالثروة المائية وتعتبر بذلك موردا مائيا هاما يمكن أن يعول عليه لتنمية المنطقة مستقبلا حيث توجد بـ “توبقال” بحيرة إفني الجميلة بالإضافة إلى أودية كثيرة وشلالات طبيعية جذابة نابعة من مرتفعات الجبال ، إذ أينما وليت وجهك تسمع خرير المياه المتدفقة حولك.
ولا غرابة إذن إن وجدنا العديد من أشعار سيدي حمو الطالب الشاعر الحكيم وهو ابن الأطلس الكبير بتيفنوت في عين المنطقة الذي عاش في القرن الثامن عشر الميلادي تتحدث عن الماء ، فالوديان تحيط بالشاعر من كل صوب ، وكيف لا يتأثر بهذا كله وهو ابن بيئته، ومن تم قال رحمه الله:
تاركا إيكان أجاريف ؤر كيم ءيرجي يان
أداس تاويت أمان س غيلي ءيروفان
الترجمة بالعربية:
لا أحد يرجو من ساقية مارة بجبل صخري،
أن تحمل له المياه إلى الحقول العطشى،
وتواثر عنه كذلك بيتين شعريين يحفظهما المسنون بسوس يقول فيهما :
إرحمك أسيدي حمو طالب ءينا ءيكلين،
غين غاك ؤر زيويزن ومان حاشا أيك الموضع
الترجمة بالعربية :
رحمك الله يا سيدي حموالطالب القائل :
ما طاب مقام المرء في مكان لا يسمع فيه خريرالمياه.
طرق و مخاطر تساقط الصخور …
تنتاب مستعملي طريق “توبقال” مخاطر أجلها تساقط الصخور الضخمة من أعلى المرتفعات على الطريق بسبب مياه الأمطار أو بسبب تعرضها تدريجيا لرطوبة التربة الندية بالثلوج ، وقد يلاحظ الزائر ضخامة هذه الصخور منها ما تساقطت وشغلت مكانا شاسعا في الطريق ومنها ما هي بارزة في الهواء تطل بوضوح على المارة وتنتظر سببا من الأسباب لتهوي إلى الأسفل ، والصخور من هذا النوع تعد من بين الأخطار التي تهدد حياة المارة ومستعملي هذا الطريق الذي تعرضت جل جوانبه على طول هذه المسافة للتآكل.
وثمة عوائق عدة تقف دون تنمية هذه المناطق رغم شساعة مساحتها من بينها غياب العديد من المرافق الاجتماعية وضعف وسائل التنقل ، كما أن ضعف بنيات التعمير وسوء وضع الطرق بهذه المناطق الجبلية ساهم بشكل واضح في تعطيل عجلة التنمية الحقيقية بمنطقة “توبقال“.