أعمدة

نعم سيدتي … انت ايضا لك حقوق…

n00078140-b

الحسن البوعشراوي

لو تمعنا جيدا في الحياة لأجملنا انها تتقدم وتتطور ببني الإنسان ، في كل المجالات ، ويزداد هو علما وغنى، لكن جانبا مهما يفتقده وهو في صراعه اليومي لاكتساب نجاحات وصفات غنى لتلازمه وان يتصف بها ، وتكسب حياته معنى وتألق ، صحيح اننا تقدمنا في مجال العلوم ، نعم صح ، احرزنا ايجابيات كبيرة على اخطبوط الجهل والظلام الثقافي، سيطرنا بالعقول على الطبيعة الرعناء وعلى قواها العشوائية الجبارة والفاتكة ، لكننا حقا لم نقدر الوصول الى هدف سام و أن نجعل الإنسان أكثر سعادة ، ولم نستطع ان نجعل الحياة اشد جمالا ، وتألقا وبهاءا.
لو قارنا بين حياة الإنسان قديما وحديثا لأتضح لنا ان الحياة القديمة كانت أكثر بهاء وجمالا وأكثر مدعاة الى الرضا ، فلو طرحنا سؤالا عن السبب الكامن وراء تدهور المجالات النفسية مع التقدم الكبير والهائل في المجالات العلمية ، لكان لدينا جوابا ، لأننا  نهتم بشكل الإنسان وهيئته وعطائه دون ان نهتم بجوانب اخرى منها ما هو عاطفي ومنها الروحي ، ووضع المراة هي من الأمور التي سقط علوها وشانها ولكن بالحق تدهورت في عالمنا المعاصر المتلاطم الامواج ، وتراجعت بنسب كبيرة عما كانت عليه في الاعوام الماضية ، ومع الدعوات الكثيرة والمتكررة التي يطلقها البعض عن حقوق المراة ومساواتها بالرجل ، فان هذه الدعوات  اليتيمة التي تتصف بالنبل علنا ، تخلو بالكاد من هذه الصفة في حقيقة الأمر ، كانت المراة فيما مضى تتمتع بحقوق كثيرة ، لا تتمتع بها في الحاضر، مثلا المراة البابلية بتاريخها فقد أنصفتها القوانين المتعددة المرامي، ومنحت السيدة العديد من الامتيازات الخارقة ، اما في عهد ما قبل الإسلام أي الجاهلية حتى ولو قيل انها حرمت من الحقوق ، وانها تعرضت الى العبودية والرق ،فان ديننا الحنيف جاء لينصفها ويمنحها حقوقا كثيرة ، لكنها بقيت معلقة بدون تنفيذ حتى يومنا هذا ، لان الاسلام جعل المراة والرجل متساويان الا ف الإرث والشهادة ، ومنحها حقوقا أخرى ، ولكن نظرة الى الأوضاع التي عاشتها المراة المسلمة وكيف انها تعاني من الظلم والحيف وغمط الحقوق وانها عاجزة عن الإتيان بأي امر من الأمور الا بموافقة ولي أمرها من الرجال ، وانها تظل ناقصة عقل ودين مهما عملت وقدمت من جلائل المهام وما قامت به من تضحيات جسام ، فلحافها السميك الذي يلف جسدها على انه حجاب يمنعها من ان تقوم باي شيء حتى المشي ، فالمراة المسلمة تمتعت ببعض الحقوق في صدر الدعوة الاسلامية ، فكانت تنفق اموالها لجيش الاسلام من اجل نشر الاسلام ، وشاركت بامتياز في الحروب والغزوات ، وتسال وتشور عن رأيها في أمور وامور ويحترم رايها، ويعمل به،  وعرفت انها اكتسيت مهارات شتى في شؤون الحياة  واليوم اصبحت المراة تعوقها العديد من الممنوعات القاهرة وكأنها غير قادرة الا على التعليم في المدارس او ممرضة في مستشفيات.
بقيت المراة مغلوبة الامر وتعاني الحرمان من ابسط الحقوق ومن النظرة الدونية اليها طيلة العهود مرورا بالفترة المطلمة حتى الوقت الحاضر الذي كثرت فيه الدعوات لإنصاف المراة ومنحها ما تستحق من حقوق ، وهؤلاء الداعين والذين ينطون علينا عبر وسائل شتى فلم يروا ان انفسهم والسنتهم كثيرا ما تخونهم ، اذ يرددون بعض الأقاويل التي تقلل من شان ومرشان المراة وتضع جانبا حقها المشروط ، فاناضطهاد المراة شخص رجعي لا محالة ، فانه يجلب قناعاته في ذلك الاضطهاد المرير ، فالأمر الذي نلمسه ونلاحظه بوضوح ان من يقولون انهم دعاة تحرير المراة ومنحها حقوقها هم غالبا من يبالغون في اضطهاد المراة وكأنهم يحيون ازدواجا عنيفا بين أقوالهم وأفعالهم ، وكان حقوق المراة هبة فيقومون بالتباهي بها ويظهرون انهم يتفضلون بها عليها ، وكأنها جنس غر ادمي ، لايستحق نفس الحقوق.

لتحرير المراة ووضع النظرة الدونية اليها جانبا قد نلحقه بتثقيف المجتمع ثقافة عامة لترفع من شان أفراد المجتمع ومن هنا القضاء على التمييز بينهم بسبب الجنس او الدين ، وإنما تنظر الى الإنسان تلك النظرة التي تعطيه حقه من التقدير ، فيكسب من الحقوق ما يتلاءم مع اجتهاده وكفاءته وحسن تقديره للامور ، فيحب علينا السهر على راحة المراة والاعتناء بها والصرف عليها ، ولا شيء يغمط المراة حقها مثل ان بصرف عليها الرجل ، على المراة ان تعمل وتكسب لتصرف على نفسها ، وهذا ما نجده عند ملايين النساء العاملات اللواتي يشتعلن لإعالة أسرهن وتلبية حاجات افرادها ، ثم بعد ذلك نسمع تلك المقولة التي ما زالت تتردد وكان المراة ما فتئت قعيدة الدار ، ويشقى الرجل ويتعب لإشباع حاجاتها ، الثقافة وإصدار قوانين تعترف بحقوق المراة ومساواتها الكاملة في كل الميادين هو ما نحتاجه اليوم كي تنال المراة حقوقها ، اما الكلام الجميل المنمق عن حقوق المراة والذي لا يرتفع الى مستوى الأعمال فانه قاصر عن تحقيق اي تقدم في هذا المجال. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: