حين يموت الضمير بإعلام كاذب
بقلم : جليلة صادق
أينما وليت وجهك وأرهفت سمعك في هذه الأيام، فإنك لاتسمع إلا زفرات تتصاعد وشكايات لاحولة لها ولاقوة لها بالله، عندما يكثر الشاكون ويقل الشاكرون، فاعلم أن في حياتنا خلل يصبح طعم الدم لذيذا، تهون الأوطان ويزيف التاريخ وتقلب الحقائق، تهاجر الحمامات البيضاء، ولايبقى في الجو إلاغربان تنعق صباحا ومساء.. يتحول الإنسان لوحش كاسر ينتظر فريسة للانقضاض عليها، و تبدو المدن كغابات موحشه، تظهر الإنسانية كلمه لامعنى لها ولارديف..وتصير الأسنان حادة واللحم الإنساني سهل المضغ .
الحال دائما للعديد من الزوجات المظلومات ففى داخل اي محكمة للاسرة نجد قصصا وحكايات مختلفة وغريبة. التقيت بها وروت لى قصتها وعلى وجهها كل التعاسة والحزن. وبدأت تسرد حديثها منذ اليوم الاول من استغلالها، حيث كان الجو عجيبا وكأن السماء فتحت كل ابوابها مطرا، والارض تفجرت عيونا، والبرد يجمد هواء المدينة. فى هذا اليوم اخبرتني عن قصة حقوقها والدمع يدرف من عينيها. سمعت عن حقها في حفل خطبة بنت جيرانها، حيت اتت للعرس تحكي الامها واحزانها لعلها تخفف عن قلبها. اخبروها انها صاحبة حق بدت تشاهده على التلفزيون. اصيبت بصدمة شديدة افقدتها الوعى تماما وذلك عندما اخبروها على جميع القنواة الاعلامية انها صاحية حق وان حكومتنا خصصت لكل مظلومة ماوى ومبلغ شهري وحق يطبق على الجاني. لم تعلم المسكينة انها تشاهد مسلسلا من المسلسلات غير المدبلجة، لكنها مسلسلات مغربية جعلت من اشرف السيدات عاهرات زمانهن، ففكرت في الدفاع عن حقها، إلا أنها تراجعت لخوفها من تركه لها، فتركت الامور علي طبيعتها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
كانت الزوجة تنفرد بنفسها احيانا لتفكر في المستقبل بعد أن علمت انها بطلة مسلسل للمسلسلات المغربية التي تدمج فيها اتفاقيات وهمية ووعود كاذبة، والمسكينة لاتعلم محتواها.
أصيب الزوج بخيبة أمل كبيرة، خاصة انه يحب زوجته حبا شديدا ولا يتخيل انها بيوم تصحو من الامية والغفلة على ربيع التفتح ويجدها امام المحكمة تسرد كل اسرارهما الشخصية. ووسط ضغوط الأهل علي الزوج بضرورة زواجه بأخرى خاصة أن المجتمع الريفي لايرحم ولازالت نظرية المتل الشعبي قائمة “ضرب المرا بالمرا لتستفيق الاولى من غيبوبتها”.
هكذا بدت تخطو خطوة الاستعلام عن الماوى واين هي يارئيس حكومتي، فهي قد باتت بالشارع وكان اول درس لها، حيث التقت برجل قدم نفسه انه المنقذ، اكيد سينير لها الطريق هي وبناتها الصغار بعد ان غرر بيا وجعلها تفقد من عفويتها. أنظر يارئيس حكومتي، انظر فانت الراعي وهؤلاء النسوة من رعياك وقد ضاعت عفويتهن بسبب خطاباتك الكاذبة، وقد بات البيع مباح، انظر ياصاحب الضمير، أين تقع راعية من رعياك هذه حقــــــــائق يجب ان نؤمن بها الجميـــــــع .
صدمت المسكينة ان لاحق لها ولاحق لطفلتيها غير حقيقة الشارع اوالعودة للأهل. اكيد سيكون القرار صعبا بالنسبة لها، تعرضت للاهانة، فقصدت الامن الذي لم يسمع لها، وكذا المحكمة التي سجلت ملفها وعليها الانتظار لسنوات حتى يصل بناتها سنها الحالي، فهناك ملفات لسيدات طالها النسيان بعدد شعرات رأسها .
أين هو الضمير .. وهل مازلنا نملك هذا الشىء الغريب فى داخلنا..السؤال موجه لك ايها الراعي، إلى متى ستظل المتاجرة فينا وسيظل الاعلام يضلل حقيقة معاناتنا عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، وإلى الشعور بالإستقامة أوالنزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أوالنشأة أومفهوم الأخلاق لدي كل إنسان…
وحين يموت الضمير .. يصبح كل شئ مباح : كلام الزور، الخيانة، القتل والسكوت عن القاتل. ارحموا المظلومات لقد نزعتم ذاكرتهن من جذورها، و أصبح كل شئ أبيض ..الماضي صاف كجدول ماء عذب. يصبح الجلاد بريئا والضحية متهما. ارحموهن من شعاراتكم وخطاباتكم الكاذبة. يكون الخاص عاما والعام خاصا .الحلال حراما والحرام حلالا، ينظر للمظلومات كمزارع عائليه، والقانون قطيع من غنم ينهب حقوقهن وتنتهك كرامتهن ..
يصبح طعم الخيانة لذيذا، يهون الشرف و يزيف التاريخ وتقلب الحقائق.
حين يموت الضمير بقانونك ايها الراعي، فارحم رعيتك