اثقل قمة عربية : مملة بدون القذافي واخرس يا جرذ!

أي قمة عربية هذه التي تعقد في الدوحة دون العقيد معمر القذافي وحسني مبارك وعزة الدوري، ورغم أنهم نقلوها في الجزيرة بتقنية الأش دي، فقد كانت مملة ورتيبة، والدليل على ذلك هو نوم محمد مرسي وشخيره هو والوفد المرافق له.
قبل الربيع العربي، كانت الفرجة مضمونة، ولم يكن أي رئيس أو أمير أو ملك يجرؤ على إغماض عينيه والاستسلام للنعاس، أما الآن فهم مطمئنون ومرتاحو البال، بعد أن تخلصوا من قائد ثورة الفاتح من سبتمبر وملك ملوك إفريقيا، الذي قتلوه غيلة وحرموا الشعوب العربية منه.
لم يقل أحد اخرس ياكلب، واسكت ياجرذ، ولم يوصف أي حاكم بالعميل ولا بالكلب، ولم يلعن أمير شوارب رئيس، أو العكس، وقد كانوا جميعا يتحسسون شواربهم بطمأنينة وراحة بال، وهناك من تجرأ وحلقها، دون أن يشعر بالعار.
لو كان العرب يفكرون، لتركوا العقيد حيا، ولكانوا طلبوا من الناتو أن يحتفظ به ويحميه، ليظل التشويق متوفرا ومضمونا، كلما فكروا في عقد قمة، ولما وقعوا في هذه الورطة، وغرقوا في النوم، وهم يطالبون بتسليح الثوار في سوريا.
مشكلة الزعماء العرب، بعد الربيع العربي، أن أغلبهم يتكلم بصعوبة، ولكي تسمع ما يقولون، عليك أن تبذل مجهودا كبيرا، وحتى أمير قطر، ورغم أنه يتوفر على الجزيرة وعلى فيصل القاسم، فإنك بالكاد تسمعه، والقلة التي يمكن أن تسمعها، تتكلم على العكس بسرعة فائقة، كما هو حال الرئيس التونسي، الذي يبدو كما لو أنه على عجلة من أمره ويتمنى العودة إلى تونس.
حين أخذ الرئيس التونسي الكلمة، أخبر القادة العرب أنه أعد لهم مشروعا ضخما للنهضة باللغة العربية وتطويرها، وطلب من الدول العربية الغنية أن تدعمه بالمال كي تتقدم العربية وتواكب العلم والحضارة، وأثناء ذلك، وبين الجملة والأخرى، كان يذبح العربية ويمرغها في التراب ويعتدي على قواعدها، ربما بسبب السرعة التي كان يقرأ بها، أو لأنه لم يبدأ بعد في تطبيق المشروع ولم يحصل على الدعم.
قبل الثورات والحراك العربي، كان حسني مبارك، ينظم ويشارك في مثل هذه القمم لتزجية الوقت، وكان زين العابدين بنعلي يأتي فقط لأن تونس دولة عربية ولتطييب الخواطر ورفع الحرج، ولم يكن أحد يتوقع جديدا من تلك الاجتماعات، والجديد الذي كان يخلق الحدث هو شتيمة يطلقها القذافي أو مبعوث العراق، أما الآن فقد أصبح القادة الجدد يعتقدون، لقلة تجربتهم، أن هذه القمة قمة فعلا، وصاروا يستمعون بإمعان إلى أمير قطر، وأصبحت مصر بعظمتها وتاريخها تجلس مثل تلميذ كسول ينتظر الأوامر منه، ويحدد له ما بجب أن يفعله، في وقت ينظر محمود عباس إلى ما يحدث بحياد بارد ومجاملات بين الفينة والأخرى، بعد أن انشغل العرب بتحرير سوريا وإرسال جيش عربي إليها، ولم يعد أحد منهم يفكر في فلسطين.
لقد كانت القمة العربية في الماضي حدثا مسليا، أما الآن فهي مجرد تغطية تلفزيونية في الجزيرة والعربية، الأولى تخبر مشاهديها بالكلام الحكيم والقرارات العظيمة التي اتخذها أمير قطر، والثانية تنقل بالتفصيل تدخل خادم الحرمين الذي لم يحضر، أما باقي الدول العربية، فممثلوها نائمون، لأن البعض منهم لم يعد يملك دولة، كما هو حال العراق ومصر، والذين لم يأخذهم النوم لا يعنيهم بالمرة ما يروج في تلك القاعة الفخمة، وينظرون باستغراب مكتوم إلى تغير الأحوال، وإلى هذا الزمن الغريب، الذي أصبحت فيه مصر تابعة لقطر، والعراق لإيران، وسوريا حاضرة بتمثيليتين، وبغياب الرئيس بشار الأسد، الذي إذا كان يتوفر على خصلة إيجابية، فتتمثل في كونه الزعيم الوحيد، الذي كان بمقدوره أن يتكلم العربية بطلاقة ودون أن يرتكب أخطاء في اللغة، إلا أنه للأسف يجمع بين الفصاحة في اللغة والبراعة في القتل، ويعتقد أن وحدة الأمة هي مجرد درس في الإنشاء يبرر إبادة شعب باسم العروبة ومواجهة المؤامرات.