القباج: حكومة بنكيران بدون رؤية .. وأكادير تستهدفها مؤامرة
في هذا الحوار الذي جمع طارق القباج، رئيس بلدية أكادير، بهسبريس تحدث الرجل عن رؤيته التنموية للمدينة، وواقع قطاعات السياحة والصيد وإشكالاتهما، كما تطرق إلى ما اعتبره “مؤامرة” تستهدف المدينة، مغلفة في قالب مشروع سمي بـ”مارينا أكادير”.
القيادي الاتحادي يشرح طبيعة المؤاخذات التي سجلها على حكومة بنكيران، في نصف ولايتها، كما يفسر دوافع دعمه لفتح الله ولعلو، بدل إدريس لشكر، بمناسبة المؤتمر الأخير لحزب “الوردة”.
حكومة بدون رؤية
عندما سألت هسبريس القباج عن تقييمه لأداء حكومة عبد الإله بنكيران، بعد أن أنهت نصف ولايتها تقريبا، لم يتردد الرجل في اتهام الحكومة بعدم توفرها على إستراتيجية واضحة وتصور متكامل في قطاعات حيوية، مستدلا بورش إصلاح العدالة في المغرب.
القيادي الاتحادي قال إنه “ورش لم يعرف أدنى تطور، ورغم أن الوزير الوصي من حزب العدالة والتنمية، فإن الفساد مازال كبيرا ومستشريا، والأمور تسير ببطيء شديد.” القباج تساءل، في ذات الحوار، كيف يحكم القضاء لصالح شركة أزال المجلس البلدي بأكادير ملصقاتها الإشهارية، لأنها لم تدفع مستحقاتها، فأين هي هذه العدالة؟ يقول القباج.
المتحدث ضرب مثالا آخر عبر قطاع السياحة حيث تساءل “هل يتحكمون في تصور للقطاع السياحي بعد سنة 2020؟” قبل الإجابة بالقول “أنا شخصيا لا أرى ذلك، وهذا يعني بالضرورة أنهم لا يتحكمون في سياسات قطاعات أخرى..”
رئيس بلدية أكادير قال إن المواطن المغربي لا يحس بوجود تغيير جدي في معيشه اليومي، مبرزا أن قطاع التعليم لا يلمس فيه أي تغيير، بل على العكس هناك تراجع كبير”.
وتابع متسائلا “هل تتصورون اليوم أن الوزارة وعدتنا سنة 2010 في إطار مخطط التنمية المحلية ببناء عدد من المدارس التي لم تنشأ إلى غاية اللحظة، هل تتصورون أنه في حي ” أنزا العليا”، التي يقطنها حوالي 10 آلاف مواطن، نعرف جميعا وضعهم الاجتماعي الصعب، لا توجد مدرسة واحدة”.
“مؤامرة” تستهدف أكادير
عندما تقدم عدد من منتخبي جهة سوس ماسة درعة بمشروع يحمل اسم “مارينا أكادير” من أجل إعادة تهيئة الشاطئ، عبر بناء عدد من المنشآت السكنية والفندقية وفضاءات الترفيه، ثارت ثائرة رئيس المجلس البلدي الذي اعتبر الموضوع مؤامرة ضد المدينة. القباج أفاد، في لقائه بهسبريس، أن غضبه هو غضب المهنيين أنفسهم، حيث إن اجتماعا مع مختلف المهنيين من مختلف الغرف، وبعد تقديم المشروع بجميع مكوناته (فنادق، مركز تجاري..)، خلص فيه المجتمعون إلى أن أكادير ليست في حاجة لمبادرات تختزل التنمية في الاسمنت، بل رؤية تنموية حقيقية تنهض بالميناء”.
“كيف سنسمح بهدم جانب من الميناء والشركات التجارية الموجودة عليه”، يتساءل الرئيس قبل أن يضيف أن الميناء التجارية ضيقة حينما تتوقف بواخر السياح، مما وجب معه تهيئة للميناء تسمح للبواخر بالوصول إلى رصيف المدينة كما هو الحال في اسطنبول وغيرها من المدن التي لديها هذا النوع من السياحة”.
وتساءل عن فائدة مشروع سيبني عمارات بطوابق عالية، وينسى آلاف العمال من ذوي العمل القار، الذين سيرمي بهم هذا المشروع إلى المجهول، ويقضي على حق سكان “أنزا” في الشاطئ من أجل سواد عيون مضاربين عقاريين، يقول رئيس المجلس.
القباج قال إن ما يجب الانتباه له الآن هو مشكل الترانزيت من مدينة العيون أو الداخلة إلى أكادير، فضلا عن المهنيين الذين يصطادون في الصويرة، والذين سيصبحون ممنوعين من الرسو على ميناء أكادير، متسائلا عن دافع السلطات في هذا المنع.
حيتان برية
مشكل مدينة أكادير، بالنسبة للقباج، هو “حيتان العقار” التي فَتِح لها الباب وسهلت لها مأمورية المضاربات العقارية من خلال مخطط التنمية المحلية “الذي وورثناه منذ التصويت عليه سنة 2000″، يقول القباج.
وأعطى المتحدث المثال من خلال حي “أغرود” الذي شهد عددا من الصعوبات، والذي كان تطبيق المخطط فيه يعني تدمير عدد من المساكن مع غياب التفكير في الجانب الاجتماعي والمرافق التي تغيب تماما أمام الحضور الطاغي للعمارات.
القباج في حواره رمى باللائمة أيضا على سياسة وزارة الإسكان، من سنة 2003 إلى 2011، “هناك للأسف تصور لبناء تجزئات في وسط المدينة الجديدة بدون مرافق، هناك أحياء بدون مدارس بدون مصحات، فالمشكل هو عدم التفكير في الإنسان..”
واتهم رئيس المجلس البلدي لعاصمة سوس شركة العمران (ليراك سابقا) بمراكمة سلسلة من الأخطاء القاتلة، “ونحن اليوم نحاول إصلاح هاته الأخطاء، لأننا لا نريد الوصول إلى ما عاشته دول أخرى من تجارب عيش سكان في الغيتوهات..” يقول محاورنا.
عمدة مغضوب عليه
غياب دعم الملك لمشاريع إستراتيجية بمدينة أكادير، كما هو الحال في عدد من المدن، ومنع رئيس مجلس بلديتها من أداء طقوس البيعة في حفل الولاء، وعدم تخصيص الحكومة لميزانيات من أجل النهوض بقطاعات حيوية لا يعني بالضرورة غضبا على طارق القباج… هذا ما قاله مُحاوَر هسبريس عندما سؤل عن تفسيره لهذه النقاط الثلاث.
القباج لم يعرف من الذي منعه من ولوج قصر تطوان يوم حفل الولاء، بل إن وزير الداخلية عبر له عن اعتذاره عن الحادث آنذاك، يقول رئيس المجلس، أما دعم القطاعات من ميزانيات مركزية فهو مسؤولية الحكومة أولا وليس الملك” يقول الرئيس، دونما نقصان من أهمية رعاية الملك لمشاريع كبرى على مستوى المدن والأقاليم، وهذا ما يتمناه الرجل من الدولة ملكا وحكومة.
القباج قال لهسبريس إن دعم العاصمة للمشاريع الكبرى بأكادير كان قائما مع الحكومات السابقة ” كان هناك اتجاه بالتنسيق مع الصندوق الوطني للإيداع والتدبير، والوزير رضا الشامي لتكون لنا منطقة “أوفشورينك”، وحدث التراجع عن ذلك الآن، حيث برروا الأمر بضرورة انتظار التأكد من نجاح تجارب مماثلة في مدن أخرى قبل الانتقال إلى أكادير، وهو جواب غير مقنع” يؤكد القباج.
النزاهة والفساد داخل “الاتحاد”
لماذا دعمت فتح الله ولعلو ضد إدريس لشكر؟ جوابا على هذا السؤال الذي طرحته هسبريس، يجيب القباج بالقول إن ولعلو هو الشخص الذي كان ممكنا أن يربط بين الماضي والمستقبل.
ويشرح “كان لدينا في تاريخ الحزب مناضلون زعماء كالمهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد الذين ناضلوا من أجل مغرب ديمقراطي واشتراكي، اليوم وكأن هناك فراغا بعد رحيل هؤلاء الزعماء.. بالنسبة إلي ولعلو كان القادر على أن يجمع جميع الاتحاديين حوله، ويعيد بالتالي الاتحاد إلى موقعه التاريخي.”.
نصيحة القباج لإدريس لشكر هي أنه على الكاتب الأول أن يجمع المناضلين الحقيقيين الذين لهم ارتباط قوي بالسكان، وأن يكون ملكا للكل، لا لتيار على حساب آخر ” وإذا نجح في هذه العملية، فإن الحزب سيكون هو الناجح، فالمطلوب منه هو القيام بهذا الدور، وأن لا يظل رئيس مجموعة واحدة.”
خلال حوار هسبريس بدا طارق القباج راغبا في الترشح لرئاسة بلدية أكادير لولاية جديدة، ورغم أن الرجل يقول إنه بلغ سن التقاعد، وأن داخل تجربة التدبير المحلي بسوس شباب قادرون على حمل المشعل، إلا أنه في الوقت نفسه لا يرى مانعا من استكمال معاركه الانتخابية خاصة مع وجود عدد من المشاريع، قيد الانجاز والتي تعتبر منتوج تصور جماعي لكل أعضاء المكتب المسير” حسب ضيف هسبريس.
القباج يريد لأكادير، كما قال، أن تبقى قلعة اتحادية، لكن هذا لا يعني أن تسلم لعدد من الاتحاديين الفاسدين الذين دمروا سمعة الحزب، والذين لن يسمح المواطن بعودتهم مهما كلف الثمن، يختتم طارق القباج حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية.