و أخيرا اتفق العرب …
نعم أخيرا و بعد طول انتظار اتفق معظم العرب في كافة الأقطار و البقاع ، اتفقوا بعد طول انتظار ، اتفقوا بعد أن حاولو غير ما مرة لم الشمل و توحيد الكلمة و الصف ضد الأعداء ، اتفقوا و لله الحمد ، اتفقوا نصرة لغزة و للمقاومين الصامدين الذين تتساقط عليهم الصواريخ و القنابل كما تتساقط علينا نحن حبات المطر في موسم الشتاء ، اتفقوا حبا في إخوانهم و نصرة لأبناء عشيرتهم و دينهم في فلسطين الأبية الصامدة منذ سنوات في وجه الأعداء ، اتفقوا أخيرا ، و الله اتفقوا من المحيط إلى الخليج ، بل حتى أبناء الجاليات المهاجرة اتفقوا تضامنا معهم ، أتدرون على ماذا اتفقو؟ لقد اتفقوا على وضع صور و أعلام فلسطين في صور بروفايلاتهم بالفايسبوك !!!!!!!!
و كأن فلسطين أو بالأخرى “غزة” تحتاج منا هذا ، و كأن الاطفال الذين يقتلون و النساء اللواتي يسجن و المقاومين الذين يموتون بقنابل العدو و العجائز الذين يقضون ما تبقى من أيام عمرهم حزنا و كيظا على أبناء ضاعوا من أمام أعينهم ، و كأنهم يحتاجون منا لهذا “التوافق” العربي الفايسبوكي الضخم لنعيد لهم ما ضاع و سلب منهم ، صحيح مثل هكذا مبادرات تسهم في نشر القضية الفلسطينية لكن ماذا بعد؟ و منذ متى و نحن ننشر الرسالة و نجتمع في مناظرات و قمم و نصدر البيانات و نهدد بالتصعيد فماذ جنينا أو بالأخرى ماذا استفادت غزة من كل هذا ؟؟؟؟
كم هو محزن و مخز في نفس الوقت منظر العرب من المغرب إلى المشرق و هم ينصرون من خلف شاشات الحواسيب إخوانهم في غزة ب”جيم” و “تعليق” لا يسمن و لا يغني من جوع ، كم هو مثير للسخرية قبل الشفقة حال شعوب تتذكر غزة فقط حين تصوب نحوها مدافع الكيان الغاشم ، كم هو مستفز أن نتذكر القضية الفلسطينية و ندعو لهم بالنصر بعد الصمود فقط حينما يتكلم العالم باسره عن ما يحدث في المنطقة؟؟؟؟؟
أما من أسموا نفسهم بدولة الخلافة الإسلامية في العالم العربي أو ما يصطلح عليه ب”داعش” فقد استطاعوا أن ينتجوا أضخم “سيتكوم” رمضاني هذا العام بعد أن خرج أحد أعضائهم بتصريح مفاده أن الإسلام الحق يوجب قتال الشيعة و المنافقين من المسلمين قبل اليهود و بالتالي فالوقوف إلى جانب إخوانهم في غزة حرام في الوقت الراهن ، إلى هنا ما بقى عندي ما نقول سوى الحديث النبوي القائل : ” يأتي زمان على أمتي يحبون خمس و ينسون خمس ، يحبون الدنيا و ينسون الآخرة ، يحبون المال و ينسون الحساب ، يحبون المخلوق و ينسون الخالق ، يحبون القصور و ينسون القبور ، يحبون المعصية و ينسون التوبة فإن كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء وموت الفجأة وجور الحكام “.
و في الأخير لا يسعنا سوى أن نرفع أكف الضراعة للعلي القدير راجين منه أن ينصر المستضعفين في كل مكان و زمان و الله المستعان.