أعمدة

بين الحسرة والطفرة …

منذ ان اكتشفت هذا العالم ، قادما من موطني الذي كان آمنا مريحا ،مشبعا بالخيرات ، لا برد ولا حر، لا جوع ولا عطش ، لا شائط ولا خصاص ، الشيء الذي جعلني مستسلما مستقبلا ما هو آت ومودعا ما هو راحل ،  إلى هذا العالم غريب الأطوار . فكان أول ما فعلوه أن قطعوا عني مصدر قوتي ,الحبل الصري لأمي, بعد إخراجي من جنتي التي ما أحسست يوما  بضيقها, إلى هذا الفضاء الواسع المخيف لم أكن راضيا فكانت ردة فعلي أني قد بكيت وبكيت وبكيت…. راجيا أن يرأفوا ويحنوا لحالي فيرجعوني حجرتي, الغريب في الأمر أنهم فرحوا لبكائي وتغردوا سرورا ,أ جسام مجردة من الأحاسيس ,كيف تسعدكم دموعي ,هنالك تنبهت أن القادم لن يكون بالهين.

غير أني تعودت, أو بالأحرى برمجت, إذ شحنوني بما شاءوا كيف شاءوا. كيف لي أن أقاوم وهم طالما نعتوني بالطفل الصغير, وكيف أمكنني التعبير عن رأيي الذي لم يلقى يوما آذانا صاغية, بل أنه طالما واجه قوى معارضة ومستهزئة. رغما عني وجدتني ذلك الشخص البارع في أمرين: تلبية الأوامر والإستجابة للطلبات. كثيرة هي التجارب التي حرمت خوض غمارها, فسيادتي تحت إمرتهم, درست تخرجت صليت تنازلت ماذا بعد!!!!! طالبا التوجيه كما جرت العادة فكان جوابهم  الآن وقد صرت راشدا وناضجا إنتهت مهمتنا عليك بأخد زمام أمورك , كانت أروع وأجمل فترات حياتي فكان السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا أريد ؟ وفيما أرغب؟

صحيح أني قمت بأشياء عدة لكن من باب الإستجابة فأنا لم أضع كلمة أو عبارة في قاموس حياتي ولم أألف مشهدا من  مسرحية سنواتي الفارطة فهم تولوا ذلك بدلا مني . الأسرة المدرسة المؤسسات بإختلاف توجهاتها ……. بارك المولى فيكم جميعا قمتم بدوركم على أتم وجه. أما الآن فالدور علي ,ومهمتي الأولى أن أتخلص من هذه الكبال. رغم أني في ربيعي الخامس والعشرين إلا أني لازلت أحن لتلك الشهور في رحم أمي  قيل لي أنها تسعة كوني عشتها لم يسعني تعدادها .

فأنا مسالم لست أريد حياة يغلبها السباق والصراع, كل ما أصبوا وأطمح له أن أنعم بحياة تملؤها الحياة. فأتنفس كل تجربه أخوض غمارها ليست تهمني نتيجتها ولا حتى أطوارها ,كل ما يهمني هنا والآن .كيف أخطط لمستقبل قد لا يبزغ فجره أو آسى على ماض لن يكرر نفسه وإن كان سيتكرر ما الحكمة من حياة يطلها الملل.  حقا هي لحظة تاريخية بل أهم لحظات حياتي تلك التي تنبهت فيها أني لست

إنجازاتي ممتلكاتي معارفي ولا شيء مما يبدو للعيان فسيادتي بضع ساعات دقائق وثواني إن أنا غفلت عنها فهيا لهواني

تقبلوا تحياتي

أحبكم

نافع عبد العالي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: