العاهرات اكثر نساء المغرب صدقا يخرجن لممارسة مهنتهن بوجه مكشوف بلا ميخافو ولا يحشمو أو ينافقن هاد المجتمع البئيس

عشت لعشرين يوما كتجربة حياة واحتكاك بالواقع الحقيقي في منزل واحد مع عاملات الجنس بالدار البيضاء، منزل كبير به غرف متعددة. كلهن عاملات جنس من “الموقف” وبعضهن تسلقن الرصيف إلى رصيف أعلى بقليل وفقط.
عشرين يوما هي أطول مدة تأثرت فيها بصدق في حياتي كلها، “ليس لأني مرهفة المشاعر وسريعة الانجرار مع العاطفة، بل لأن قصصهن صادقة، ومؤلمة، وغريبة، وفقيرة، وصادمة، وتحكى من القلب إلى القلب…
أكثر بيت أحسست فيه بالحنان الحقيقي بينهن، كل واحدة تحن على الأخرى وكأنها أمها، وأبوها وأختها وصديقتها وكل عائلتها، “يتقاسمن المال فيما بينهن، تستطيع واحدة منهن أن تتحمل الأخرى و”تصرف” عليها طواعية لمدة طويلة “على ما تدبر على راسها”. أو عندما يقل وينعدم الزبائن.
أكثر نساء المغرب صدقا، ” اللي كيشطح مكايخبيش وجهو”. يخرجن لممارسة “مهنتهن” بوجه مكشوف، بلا ميخافو ولا يحشمو أو ينافقن هاد المجتمع البئيس، عندهن لغة وحدة وطريقة كلام واحدة لا تتغير، ليلا ونهار، عندهن طريقة لباس واحدة لا يغيرنها. أكثر منزل رأيت فيه اثنتان تتعاركان ليلا “بترياش الشعر” ويتصالحان نهارا وكأنهن يؤمنن ببديهية ” أنهن ما عندهم غير بعضياتهم، مخاصهومش يتفارقو ، ولا ينقسمو، ويبقاو قويين ضد مجتمع ” حكار”…
في الصباح عندما تلتحقن بغرفهن، تتبادلن الحديث أحيانا على زبائن مارسوا عليهن حالات من الضرب والتعذيب والشذوذ لا تتصور وأخريات يدخلن منهكات وحزينات حيث ” كلاو ” ليهم رزقهم…
أكثر منزل عايشت فيه شخصيات قوية، نساء تعانين من مشاكل حقيقية وتصبغن وجوههن بالماكياج وتخرجن لمواجهة العالم “ويقلبو على طرف ديال الخبز باش ياكلوه ويصرفو بيه على ولادهم أو والديهم”. يحيين اليوم بيومه، وأحيانا لا يتبقى لهن “والو ” حيث تؤدين ضرائب غير رسمية واقتطاعات للكثير من الشرائح ممن تنتعش بتجارة الجنس ” للقوادة”، “” الشماكرية” ، “”البوليس”، “”للفيدور” ديال الحانات الرديئة” ل”مول الدار” ، ل”مول التاكسي” وزيد وزيد.. أي بمكان وأي شخص في رحلة ليلهن تتركن له جزء من الفلوس “اللي دبرو ودمرو ” عليها.
واقع مؤلم، وحزين وأليم وعنيف، وغير عادل بتاتا لهذه الفئة، “الفقر الحقيقي لابس جلابة فيها الصقلي وطالون ديال النمر “وخارج باش يعيش…وفي اخر المطاف والحكاية يتقيأ أحدهم عبارة ” قحبة تفو” …هي امرأة حقيقية تواجه الواقع، وترفض أن تكون ضحية رغم أنها ” كذلك” وتلعب الدور وتحاول أن تكون خبيثة لتواجه خبثا أكبر “كلاليها فلوسها” كمواطنة من حقها التعليم، والشغل والصحة والسكن والحياة الكريمة
عشرون يوما بقدر ما تأثرت وأنا أسمع حكاياتهن بقدر ما استحالت رؤية ولو دمعة واحدة على خذ إحداهن لأنهن امن بأن البكاء للضعفاء وهذا مصيرهم يواجهنه باللي عطا الله.
زهور باقي كود