“أحريق”… المغارة الملاذ أوقات الشدة و التوتر

عبد القادر أولعايش
هي إحدى المغارات المجهولة بإقليم طاطا، فقط أبناء أم العلق (54 كلم غرب طاطا في اتجاه أقا) هم الذين يعرفون “أحريق” و يقدرون فضلها، تمتد من عمق هذا الدوار إلى حقول واحته الصغيرة، على شكل نفق شبيه بتلك الانفاق الممتدة من قطاع غزة نحو الحدود المصرية، شهرتها تداولتها الأجيال و الكل يتفق أن لها غايات و مزايا عدة، إنها باختصار ملاذ سكان أم العلق في أوقات الشدة.
كانت مغارة أحريق في الأصل قناة مائية باطنية يقال أنها عريقة و ضاربة في التاريخ، و فوقها شيد أهل أم العلق منازلهم، و استغلت في نقل المياه المنهمرة على مسافة تقارب الكيلومتر، من المنبع المعروف برأس العين إلى صهريج برزوك B’RZZOUG و تخزينها لاستعمالها في سقي الجنان و الحقول، بذلك تكون هذه المغارة في أصلها ذلك الشريان الحيوي الذي بعث الحيوية في هذه الواحة الصغيرة و سر ديمومة خضرتها.
و استغلت هذه المغارة كملجأ و مخبأ من طرف سكان أم العلق للإفلات من رصاص و قصف أعداء الوحدة الترابية، أثناء هجومي البوليساريو في 25 يناير و 29 يونيو من سنة 1980، و قد تأكدنا خلال زيارة علمية رفقة فريق من جمعية للاستغوار من حقيقة توظيف “أحريق” لهذه الغاية، حين تمكن مستغوران من هذا الفريق بعد توغلهما بداخلها من معاينة منافذ أعلى هذه المغارة تحيلك مباشرة إلى بعض المنازل، و قد سمع منها انبعاث أصوات السكان و هم يتحدثون، و ربما تكون شيدت لتسهيل الإغاثة و التسرب أوقات الرعب أو الحرب و التوتر.
كما أصبحت مغارة أم العلق تستغل من طرف السكان شبابا و كهولا و شيوخا كمكان مفضل خلال شهر رمضان لقضاء بعض ساعات النهار، هربا من لهيب الشمس الحارقة و تأثير ارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة و هم صيام، فبين أركانها هدوء و نسيم عليل و عذوبة و جو لطيف. لكن أحريق و رغم أهميتها للأسف، جفت بها المياه منذ ثلاث سنوات تقريبا كما هو حال المدشر ككل حاليا الذي يتجه ليعيش أزمة مياه لم يعهد لها مثيل في تاريخه.