الطفل موحا .. راعي الماعز نموذج صارخ للطفولة المغتصبة !!

بعد أن انحسرت غيوم السماء و توقف المطر عن إرواء ظمأ الأرض ، لم يعد يجد الطفل موحا بدا من ان يشمر عن سواعده ليعين قطيع الماعز على نهم ما تزخر به الأرض من نباتات و إن على ندرتها.
الطفل موحا لا يعرف للمدرسة مسلكا ، لا يدري شيئا عن عالم الطفولة و الأحلام و حقوق الطفل و لا حتى من التعلم نزرا، يتكلم الأمازيغة بنطق سليم، بيده عصا طويلة حادة الرأس كالتي يستعملها سائقو السيارات تحسبا للمخاطر ، يستعملها المسكين في ضرب نوع من النبات الصحراوي المكور ذي اللون الأخضر بكل جهده ليفتته للقطيع الذي يلتف حوله بعد سماع عبارة “تيك تيك” إعلانا منه بأنه قد نجح بعرق يتصبب في تهشيم النبتة ، ينتقل بعد تفتيت الأولى للنبتة التالية فالأخرى و هكذا دواليك طيلة النهار و الأسبوع و الشهر و الحول.
أقرانه يفكون شفرة الحروف بقلم بين أنامل طرية، و هو يهشم رأس النبتة بعصا قوية بين أصابع خشنة في مغرب كله على بعضه ديمقراطي حسب تصريحات الحكومات المتعاقبة منذ سنين مضت.
هو نموذج لعشرات الأطفال الذين اغتصبت طفولتهم بسبب قساوة العيش في وطن لا يرحم ، موحى و غيره من الأطفال الذين تعلموا من مدرسة الحياة و تخرجوا من جامعات الحقول و المراعي يستحقون منا ألف تحية و تقدير.
أحلامهم ليست كباقي أحلام الأطفال في مثل عمرهم ، أمنيته أن تسقط امطار الخير و تغيت القطيع الذي يرعاه ، حلمه البسيط في الحياة ان يستفيق في اليوم الموالي و يجد مراعي خضراء و مياه تنضب ليعين اسرته الفقيرة على شقاء السنين ، يسألكم هو و باقي الأطفال و حتى العائلات التي تتخذ من الفلاحة مورد رزق لها أن ترفعوا أكف الضراعة للعلي القدير راجين منه أن يغيثنا برحمته و أن يسقينا غيثا نافعا و أن يرحمنا بقطرات تعيد لموحا و غيره بسمة تعني لهم كل الحياة.
هكذا يقضي موحا يومه بكل بساطة بعيدا عن أرقام و مخططات و برامج مسؤولي الوطن :
سلمى ماجيدي – هبة بريس