محمد همام في ندوة” العمل الجمعوي”بأيت ملول : هناك مكاتب جمعيات بالمنطقة تسير وفق منطق هامان وفرعون .

نظم مجلس شباب مدينة أيت ملول مساء أمس الأحد، ندوة حول موضوع :” العمل الجمعوي..من فكرة التطوع إلى فكرة المأسسة” بقاعة الحفلات مركب سوس توهمو أيت ملول .وبشراكة مع المجلس البلدي أيت ملول وعمالة إقليم إنزكان احتفى المنظمون بالجامعة الشبابية للمدينة وباليوم الوطني للعمل الجمعوي الذي يصادف 13 مارس وبالذكرى العاشرة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وقد اتخذت لهذه الدورة شعارا لها متمثلا في “تثمين التراث اللامادي في صلب توجهات المبادرة الوطنية للتنمية البشربة “..
وانطلقت أرضية نقاش الأساتذة المشاركين في الندوة، وهم على التوالي ؛ الأستاذ محمد صالح وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بحكومة الشباب الموازية ونور الدين الزعلامي كممثل عن وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ومحمد همام أستاذ باحث بكلية الحقوق أكادير ، في التعريف بالعمل الجمعوي بمايشكله كدعامة أساسية للمجتمع بخلقه أجواء ملائمة من أجل تأطير الشباب، لبناء مجتمع مسؤول يساهم في التنمية والتغيير والعمل على إدماج الشباب في فعل التنمية وفتح المجال لإبداعاتهم وإبراز قدراتهم على الخلق والإبتكار. ولا يتأتى ذلك إلا بتشجيع فكرة التطوع وتنميتها بما يخدم التكافل الإجتماعي ويعزز بنية التكافل والعمل الذاتي إزاء الأفراد أو الجماعات بدون مقابل مادي، غير أن التطوع لا يكون فقط بالمال بل بتقديم الأفكار والتجارب والتكوين المستمر .
ويشير محمد همام أن هناك رغبة أو اتجاه إلى الإنتقال من التطوع نحو المأسسة، رغم أن الجمعية في الأصل هي مؤسسة ينظمها القانون ولها أدوات تدبيرية كتنظيم يمكن أن تؤسس لمدة محدودة تنتهي بمجرد أن تنتهي تلك الفترة التي رصدها مؤسسوها ،أو عند إتمام المهمة والأهداف المسطرة لها، أو تؤسس لمدة غير محدودة حسب قانونها الأساسي.
لكن وبعد أن أصبح العمل الجمعوي معترفا به في الدستوروأصبح هو الآخر مدعوا لربط المسؤولية بالمحاسبة، وجب الرقي بهذا العمل من فكرة التطوع وما يلازمها من ظروف زمنية ومكانية وفكرية موسومة بمعطيات الوقت الثالث والعشوائية في بعض الأحيان ، إلى فكرة المأسسة وما يلازمها من أمور تتعلق بالتنظيم ، ورسم الأهداف، وبرامج عمل ، ومهننة الأنشطة، والاحترافية في العمل ..
وقدم محمد همام والذي كان يشغل رئيسا سابقا لمصلحة الموارد البشرية بعمالة إنزكان، قراءته النقدية حول بعض المنزلقات التي تشوب العمل الجمعوي محليا، الذي رأى فيه أنه مازال يتغذى من الفردية والنزوع الأناني الإستبداي والعائلية و نحو الإستغلال والإرتزاق المادي تحت يافطة جمعيات أو مراكز تنظم أياما تكوينية حول الجاذبية والتأثير وأموال كثيرة تصرف وبمقاعد محدودة ” ويعتبرها همام أقرب إلى الدجل والتضليل وهي بذلك تدوس على قيم المجتمع القائمة على تقديم الخبرة والتجربة لمواطنين حيث ماكانوا للرفع من قدراتهم ..ودعا كذلك إلى حفظ العلاقة وضرورة التكامل بين العمل الجمعوي والفعل السياسي وعدم استغلال العمل التطوعي واستحضار ثقافته الدينية ومفهوم الأجر فعلى الإنسان أن لا يستغله في جني مكاسب في عالم الشهادة، وفي هاته الحالة يكون عملا مرتزقا وقذرا، بل يصبو من ورائه إلى حالة الوجدان تغمر المتطوع ارتياحا وسعادة أثناء تأديته الخدمة الإجتماعية المنوطة به ..
ولم يفته الحديث كذلك عن تسيير مكاتب بعض الجمعيات التي لا يوجد بها في نظره إلا فرعون وهامان ، لا أحد آخر معهم ويعتقدون بتسييرهم بهذا النفس الإستبدادي من خلال مبادراته الفردية وإلغاء المكاتب أنه يخدم الجمعية ، فالعمل الجمعوي في نظره يجب أن يكون جماعيا ويتخلص من الفوضى لينحو إلى التفكير الإستراتيجي وتحويل أفكار إلى خطط وبرامج من خلال آليات وأمكانات بشرية ومادية، فغياب التخطيط هو ما لا يجعل ذلك العمل مستمرا…
أما محمد صالح وزير حكومة الشباب الموازية فأشارهو كذلك بأنه لا يمكن الفصل بين العمل التطوعي عن العمل الجمعوي ، وما يدل على ذلك أول ظهير في المغرب يؤطر ه في 15 نونبر 1958 ،وما جاءت به المادة 12 من مسودة مشروع قانون الجمعيات التي ستخرج إلى حيز الوجود عما قريب ، حيث عرفت بالتطوع والتطوع التعاقدي وعقد التطوع والحقوق و الواجبات المترتبة عنه.ويرى أن مسودة المشروع المنتظر الذي سيصبح قانونا بعد المصادقة عليه ، سينقل العمل الجمعوي من مرحلة التطوع الغير المنظم والعشوائي إلى مأسسته وتأطير هذه القوة الإجتماعية الفاعلة، والأكثر من ذلك فقد منح الفصل 14 المجتمع المدني إمكانية الدخول إلى الشبكة التشريعية وتقديم ملتمسات تشريعية والمساهمة في وضع القوانين، والفصل 15 الذي يتيح تقديم عرائض إلى السلطات المحلية والمشاركة في صنع القرار على المستوى المحلي والوطني.
واعتبر المتحدث أن مشروع مدونة العمل الجمعوي جد متقدم وجاءت بأشياء مهمة قطع معها العلاقة الملتبسة بين الجمعية والسلطات المحلية من خلال فصلها عن الداخلية وإلحاق طلب التأسيس بالقضاء والنيابة العامة وبالتالي فالقضاء له الفصل في تأسيس الجمعية أوعدمه، وبهذا يكون فرصة حقيقية لمنح مكانة متقدمة للمجتمع المدني وتحريره من أشكال الولاء والحسابات الضيقة..
وثمن في هذا الصدد مجهودات وزارة المجتمع المدني في وضع شروط مدققة لدعم الجمعيات في مسودة المشروع ومعاييره وبشكل مفصل ونقاط محددة ومعايير واضحة.، رغم ان إحصائية للمندوبية السامية للتخطيط تشير أن 27 % من عدد الجمعيات المتواجدة بسوس تحظى بدعم ضعيف مقارنة مع 13 % من الجمعيات في جهة الرباط سلا زمور الزعير، وهذا يعد في نظره إجحافا وظلما في حقها . ووقف في حديثه كذلك على جمعيات غير موجودة إلا على الورق وتلقى دعما خياليا، ولذلك فالوزارة لجأت إلى التدقيق في معايير الدعم من خلال مرسوم يصدر فيما بعد..
وأوضح محمد صالح في ختام كلمته على أن الإشكال الموجود الآن هو بطء تنزيل القوانين، وأن المدونة مازالت كمسودة تحتاج أن يصادق عليها كمشروع قانون داخل المجلس الحكومي والوزاري ومسطرة تشريعية أخرى بالبرلمان بغرفتيه مع تخوفات بإعاقته ، هذا فضلا عن القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذه المدونة ستصدر في غضون سنة والقوانين التنظيمية المتعلقة بتقديم ملتمسات وعرائض وبالتالي فهنالك قوانين مكتسبة تجعل من مأسسة الجمعية مسألة حقيقية ولا تقتصر فقط على الجانب الخدماتي الذي خلقت من أجله ..
أما نور الدين الزعلامي فقد أكد أن الحكومة ملزمة خلال الولايتين المتبقيتين من عمرها أن تنزل جميع القوانين التي أحالتها الوزارة على الأمانة العامة للحكومة والمخطط التشريعي بل ستكون محط مساءلة على هذا الإجراء الذي ركز عليه برنامجها الحكومي ..
وأشار نفس المتحدث أن وزارته قامت بفتح أوراش هامة متعلقة بالحوار الوطني حول المجتمع المدني، المنبنية أساسا على مرجعية الخطب الملكية والتوجه الحكومي وقانون للمالية يؤطره. ومن بين الأهداف التي سردها نور الدين هي تفعيل الوثيقة الدستورية التي كفلت المجتمع المدني العديد من الإختصاصات ، فالعمل الجمعوي لم يعد مقتصرا فقط في تقديم الخدمات بالأساس ،بل في تقويم وتقييم السياسات العمومية، من خلال أدوات إجرائية متعلقة بعقد ندوات جهوية ومحلية ووطنية وجلسات إنصات. وفي ذات السياق نوه المتحدث بتفاعل ما أزيد من 7 آلاف جمعية ومساهماتها الفعالة والقيمة في مخرجات التقرير التركيبي بشأن الحوار الوطني حول المجتمع المدني وصياغة قوانين حول الحياة الجمعوية واقتراحات في مشاريع قوانين وتفعيل الديمقراطية التشاركية. وخلق مبادرات مع المجتمع المدني والحكومة والاستماع إلى تظلمات الجمعيات وإرسالها إلى ديوان الوزارة فكانت جهة سوس ماسة رائدة في هذا المجال..
وقبيل اختتام الندوة أغنى الحضور بأفكارهم وتوصياتهم ،من فاعلين جمعويين وأساتذة وطلبة كانوا حاضرين نقاش الندوة و كلها صرخات تعبر عن المعاناة اليومية للمشتغلين في ميدان التطوع أو العمل الجمعوي في علاقته مع مثبطات الفعل السياسي بالمدينة مع اختلالاته ونظرة المجتمع التقليدية إزاء العمل التطوعي عموما …
وتوج هذا اللقاء في الأخير بتكريم شخصيات من طرف مجلس شباب مدينة ايت ملول وهم : الحسين أضرضور رئيس الجماعة الحضرية لأيت ملول ، والحسن أفارس رئيس جمعية سوس لداء السكري والدكتور عبد اللطيف التباري الطبيب الرئيسي بالمركز الصحي بأيت ملول.، إضافة إلى توزيع تذكارات على الأساتذة المشاركين في ندوة العمل الجمعوي وكذا رئيس مجلس شباب مدينة أيت ملول …