أخبار جهويةأخبار منوعةأخبار وطنيةاخبار العالم

غرفة الصناعة التقليدية لسوس ماسة تتألق في بروكسيل بكنوز المغرب

 الحسن البوعشراوي

في قلب العاصمة الأوروبية بروكسيل، وعلى إيقاع أنامل مغربية تنسج الجمال من عبق التراث، افتتحت جهة سوس ماسة أول معرض دولي للصناعة التقليدية، في تظاهرة ثقافية واقتصادية غير مسبوقة امتزجت فيها روائح خشب الأركان بنبض الزرابي الملونة، ليغدو ميدان “ساحة النقودالتاريخي فضاءً مغربياً نابضاً بالحياة. الحدث، الذي يتواصل إلى غاية الرابع من يونيو المقبل يحظى برعاية رسمية وحضور دبلوماسي وازن، يسعى إلى ترسيخ الصناعة التقليدية كرافعة اقتصادية وجسر تواصل ثقافي بين المغرب وأوروبا، في مشهد استثنائي يُعيد تعريف الدبلوماسية الثقافية من بوابة علامات المنتجات التقليدية المغربية.

تتراقص أصابع النساجات المغربيات على خيوط الزرابي الملونة، بينما تتصاعد رائحة خشب الأركان المنحوت بعناية الحرفيين، في مشهد يأسر الأنفاس وسط العاصمة البلجيكية. هنا، في ساحة النقود التاريخية ببروكسيل، تحتفي غرفة الصناعة التقليدية لجهة سوس ماسة بإطلاق النسخة الأولى للمعرض الدولي للصناعة التقليدية لجهة سوس ماسة، في حدث استثنائي يمتد من 31 ماي الجاري إلى 4 يونيو القادم.

 المشهد هنا يبدو وكأن قطعة من جبال الأطلس الصغير قد نُقلت بسحر إلى قلب أوروبا. أكثر من 25 حرفياً وحرفية، يحملون في أيديهم إرث أجدادهم وأحلام أطفالهم، يعرضون كنوز سوس ماسة التي تحكي قصة حضارة عمرها آلاف السنين. من الخياطة التقليدية التي تمزج بين عبق التراث وأناقة العصر، إلى منتجات الأركان الذهبية التي تحمل أسرار الطبيعة المغربية، تتنوع المعروضات لترسم لوحة فنية متكاملة.

في هذا الفضاء الثقافي المفتوح، تتلاقى النظرات المندهشة للزوار الأوروبيين مع ابتسامات الفخر على وجوه الحرفيين المغاربة. صوت طرقات المطارق على النحاس يتردد بين أرجاء الساحة، بينما تشع ألوان الفخار والخزف تحت أشعة الشمس الأوروبية، خالقة تناغماً بصرياً يجسد جمال التنوع الثقافي.

تتميز هذه التظاهرة الاقتصادية بطابعها الاستثنائي، حيث تجمع تحت مظلة واحدة كل أشكال الإبداع المغربي من النجارة الفنية التي تحول الخشب إلى تحف نادرة، إلى الصياغة والحلي التي تروي حكايات الأجيال، مروراً بالخرازة التي تحول الجلد إلى قطع فنية راقية.

وبحضور سفير المملكة ببروكسيل، وبدعم من كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يحمل هذا المعرض رسالة واضحة مفادها أن الصناعة التقليدية سفير ورافعة للاقتصاد الوطني“. 

سفير المملكة محمد عامر أشاد بالجهود المبذولة من طرف غرفة الصناعة التقليدية لجهة سوس ماسة في تنظيم هذا الحدث المتميز، مؤكداً على أهمية هذه المبادرات في تعزيز الحضور المغربي على الساحة الأوروبية وتقديم صورة مشرقة عن الإبداع الحرفي المغربي الأصيل.

أهداف هذا الحدث تتجاوز مجرد العرض والبيع، إذ يسعى إلى بناء جسور تواصل قوية مع الجالية المغربية بالديار الأوروبية، وفتح آفاق جديدة أمام الحرفيين لفهم متطلبات الأسواق الدولية. في كل زاوية من زوايا المعرض، تتشكل قصص نجاح جديدة، حيث يلتقي التراث الأصيل بالطموح المعاصر، والحرفة التقليدية بالتسويق العصري.

لحظات الافتتاح شهدت أيضاً تكريماً مؤثراً لعدة فعاليات حرفية بارزة وشركاء استراتيجيين، حيث تم تسليط الضوء على مساهماتهم الجليلة في الحفاظ على التراث الحرفي ونقله للأجيال الصاعدة. هذا التكريم الذي تخلله تبادل الدروع التذكارية والشهادات التقديرية، جسد الاعتراف بالدور المحوري لكل من ساهم في رفع راية الصناعة التقليدية المغربية عالياً في هذا المحفل الأوروبي.

ما يحدث في ساحة النقود ببروكسيل ليس مجرد معرض، بل رحلة عبر الزمن تنقل زائريها من صخب المدن الأوروبية إلى هدوء القرى الأمازيغية، ومن برودة الشمال إلى دفء الجنوب المغربي، في تجربة حسية شاملة تؤكد أن الثقافة المغربية قادرة على إشعاع نورها في كل قارات العالم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: