بعد رحيل تسعة نجوم في ظرف سنتين
اكابريس انفو
كأن الأقدار تلك التي تُزامن تدهور السينما المغربية و تخلفها، بـوفاة رموز الشاشة المغربية. ففي ظل الحديث عن أفول نجمها في السنوات الأخيرة، عرفت سنة 2013 و السنة التي سبقتها وفاة عدد قياسي من المثلين المغاربة الذين طبعوا مسيرتهم بإنجازات، لا زالت تحتفظ لها في الذاكرة المغربية للمشاهدين بمكانتها.
ظروف مغادرة رموز الفن السابع بالمغرب من دار البلاء إلى دار البقاء، يترجم بالملموس حجم المغالطة التي يعيشها الجمهور المغربي حيال الحياة الخاصة لهؤلاء الفنانين. حياة، تأكد في نشرات الأخبار الرسمية و الخاصة أنها حياة ضنك و شقاء، لم تغادرها الكثير من المعاناة التي كانت مواضيع تعالجها إنتاجات هؤلاء الفنانين أنفسهم، ليتأكد لجمهور السينما المغربية أن أول من تعنيهم القضايا التي تعالجها هذه الأفلام، هم أنفسهم ممثلو أدوارها قبل غيرهم !
استهل الفنان و المخرج المغربي عائد موهوب وفيات الممثلين المغاربة لسنة 2011، يوم 8 فبراير، بعد مسيرة فنية حافلة جاب خلالها عائد مختلف أروقة المسارح المغربية، كما خاض تجربة الاخراج و الكتابة المسرحية بنجاح.
كما أسلم أيقونة المسرح المغربي مصطفى سلمات الروح إلى بارئها يوم 03 أكتوبر 2011 عن عمر 67 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض، تاركا وراءه أعمالا سينمائية كبيرة، بعد أن اصطف إلى جانب كبار رموز المسرح المغربي في انتاجات وطنية شهيرة، ضمن فرقة “مسرح الطيب الصديقي” و فرقة “المعمورة” و “مسرح اليوم”، و أعمال سينمائية كبيرة مثل “حوت البر” و “الدار الكبيرة” و غيرها.
يوم الخميس 22 مارس 2012، كان للفنان الكوميدي الشاب عزيز العلوي موعد مع ربه بإحدى مصحات الرباط، بعد أن تفاقمت حالته الصحية نتيجة إصابته بمرض عضال على مستوى القلب، سبق و أن أجرى له عملية جراحية مستجلة، كللت بالنجاح، قبل أ ن يعاود المرض الاستحكام منه مجددا، ليودع جمهوره و رفاق دربه، مخلفا وراءه أثرا و كمدا، بين محبيه. رغم قلة مشاركاته التلفزية و المسرحية، إلا أن عزيز تمكن في وقت قياسي من نحت اسمه ضمن مشاهير الكوميديا المغربية، من خلال برامج تلفزية مثل “دار الورثة” وسيتكوم “العام طويل” و غيرها.
عرفت نهاية سنة 2012 فقدان المغرب لأحد أعمدته الفنية الوازنة، بوفاة الفنان و الزجال أحمد الطيب العلج، الذي أعقبته وفاته صدمة كبيرة في الوسط الفني المغربي، بعد أن تمكن من بناء كبرى لبنات المسرح المغربي “فرقة المعمورة” إلى جانب رموز فنية أخرى.
بسبب مشاكل في التنفس، لقي الممثل المغربي محمد مجد حتفه يوم 24 يناير 2013 بالعناية المركزة بإحدى مصحات الدار البيضاء عن عمر 73 عاما، بعد تدهور حالته نتيجة مشاركته ضمن طاقم فيلم “زيرو” المثير للجدل بمهرجان دبي السينمائي، متأثرا بنظام التكييف الذي استخدمه المنظمون في قاعة المهرجان.
أسبوعا واحد بعد وفاة محمد مجد، التحق بالدار الآخرة فنان رسمت طريقة وفاته معالم الحقيقة التي يعيشها أغلب الفنانين المغاربة، بعد أن تناولت الصحافة الوطنية معاناته و تجربته المريرة مع الإهمال، بعد نبوغ و شهرة جابت الآفاق، إلا أنها ظلت عاجزة عن سد حاجياته اليومية من طعام و دواء، ليودع بذلك الفنان حسن مضياف دار التمثيل و دار البلاء بعامة إلى دار الحساب، بعد أن قتلته عشرات الإشاعات قبل أوان موعد اللقاء الإلهي.
بعد حياة حافلة بالانجازات مرّ عبرها الفنان المسرحي المغربي مصطفى مستعد بمختلف مراحل التنئشة المسرحية منذ أن كان عمره 6 سنوات، طبع وفاته منتصف أبريل الماضي ما طبع مسيرته من تكتم و عمل و نضال فني في الظل، لم يكن معه مستعد يبالي كثيرا بالظهور الاعلامي و التسمر أمام عدسات الكاميرا سوى فيما يجد فيه نفسه أمام مخرجي انتاجاته المسرحية و التلفزية.
و عن عمر 64 عاما توفي الفنان الفكاهي المغربي محمد بن إبراهيم بعد معاناة طويلة مع المرض، ناتج عن تفاقم داء السكري، ما أدى إلى فقدانه جزء من البصر، مخلفا وراءه أعمالا مسرحية و سينمائية عديدة طبعت مسيرته. إلا أن وفاته كغيره ممن سبق أو لحق من الفنانين، طبعتها ظروف الإهمال و اللامبالاة التي عانى منها الفنانون المغاربة على حد سواء.
أسبوعا واحد أيضا عن وفاة محمد بن إبراهيم، توفي الفنان المغربي الكبير أحمد عزيز الشاوي الذي يعد أحمد صامِتي المشهد الفني بالمغرب، بعد أن تمكَّن من كسب تعاطف جل ممتهني المسرح و الفن السابع، بسبب طيبوبته و دماثة أخلاقه، ليشكل آخر سلاسل الوفيات الفنية، إلى حدود كتابة هذا المقال.
إذا كان الموت موعدا متحققا و قدرا محتوما لن يخطئ ابن أنثى مهما على شأنه، و طال عمره، إلا أن السمة البارزة لما يصيب الفنانين المغاربة هذه الأيام و ظروف معاناة بعضهم في ظل غياب التغطية الصحية و الاهتمام الرسمي من الدولة بهم قبل الوفاة، يطرح أكثر من علامة استفهام، عن مدى جدية الدولة في النهوض بقطاع الفن و السينما.