إفران باب الصحراء .. البلدة الأمازيغية التي استقطبت اليهود

تمتاز إفران بالأطلس الصغير إقليم “كلميم” باب الصحراء، بوضع جغرافي ومجالي متميز أهلها بشكل طبيعي لتلعب أدوارا تاريخية حاسمة في الدينامية العامة لتاريخ الجنوب المغربي خلال عدة فترات تاريخية. فقد كانت محطة رئيسية في تنشيط تجارة القوافل الصحراوية مند القرون الوسطى إلى نهاية القرن التاسع عشر. وبالنظر إلى هده الخاصية وغيرها، فقد استقطبت المنطقة مند أزمنة تاريخية بعيدة مجموعة من العناصر اليهودية التي قدمت إليها من الشرق خلال القرن السادس قبل الميلاد، وتم دعمها بعناصر جديدة بعد القرن الخامس عشر.
لقد استطاعت العناصر اليهودية الطارئة على المنطقة التكيف مع معطيات الوسط الجديد، طبيعيا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا مستفيدة في علاقتها بمجتمع الأغلبية من التنظيمات المحلية القبلية التي كانت تعتمد على أسس عرفية التي تم الاتفاق عليها من طرف المجلس والمعروف بمجلس “إنفلاس” كما تضمن لليهود التحرر من وضعية “الدمى” كما كان معمولا به في بعض المدن المغربية في فترات تاريخية متقطعة. مما جعل تلك الفئات اليهودية في منأى عن التعسفات والاضطرابات التي كانت تقع في المنطقة، وبالخصوص الحروب القبلية مثلا بين قبيلة أمسرا وتنكرت.
في المقابل كانت التحولات العامة التي أصبح المغرب موضوعا لتأثيراتها العميقة ابتداء من القرن التاسع عشر، وطيلة القرن العشرين دفعت باتجاه تحولات مست مصير تلك الفئات اليهودية داخل المنطقة، حيث ثم في النهاية اجتثاثها من المنطقة وفصلها عن محيطها الأصلي، بسب عملية التهجير التي تنظمها الجمعيات و المنظمات اليهودية خلا النصف الثاني من القرن العشرين.
الموقع الجغرافي:
تقع إفران الأطلس الصغير بالمنطقة الوسطى الشمالية للأطلس الصغير، أي في الركن الجنوبي الغربي للمملكة المغربية على خطي طول 9_10 غربا وخطي عرض 29_30 شمالا، وتبلغ مساحتها الإجمالية 129,49 كلم مربع يحدها في الشمال قبائل “إمجاط” بإقليم سيدي افني، ومن الجنوب جماعة تيمولاي وجماعة تغجيجت بإقليم كلميم، وفي الشرق “أدي نايت حربيل” باقليم كلميم، أما الغرب يحده أيت رخا باقليم سيدي افني.
المعطيات التاريخية والبشرية:
يتوفر إفران الأطلس الصغير على أربعة قصور بناها “النوميديون” بعيدا بعضها عن بعض بنحو ثلاثة أميال على مجرى صغير من الماء، ويوجد بين هذه القصور عدد من حقول النخيل والسكان الأغنياء نسبيا لأنهم يتاجرون بسلعهم مع البرتغاليون في ميناء غار “كسيمة” في حين تقول بعض الروايات أن هذه المدن المصورة بإفران شيدت على أنقاض قصبات رومانية قديمة من طرف أحد الملوك الموحدين وهو “عبد المالك الموحدي” سنة 1150 ميلادية، كانت محجا لتجارة العبيد. في سنة 1898ميلادية، قام المولى الحسن الأول بزيارة للمنطقة حين افتتح ميناء على المحيط بمنطقة “أسكا ندعلي وعمر” بمصب وادي افران الكبير. ولعل افران أقدم المدن في الجنوب المغربي حسب أحد اليهود المغاربة في مقال له في جريدة هنري البريطانية عدد 325 لسنة 1921 م. فيما يبلغ عدد سكانها حوالي 11950 نسمة. بينها 5386 من الذكور و6564 من الإناث.