ماء العينين: الدبلوماسية المغربية رتيبة وينقصها العمق السياسي
دعت البرلمانية أمنة ماء العينين إلى تجاوز ما سمته الخطاب الدعائي المكرور للدبلوماسية المغربية لأنه لم يعد فعالا في نظرها، وإلى توظيف الصورة في المعارك الدبلوماسية، لأنها باتت عنصرا فعالا أصبح حضوره متناميا وأصبح سلاحا ضروريا.
وأضافت ماء العينين في حوار مع هسبريس أنها سجلت خلال مشاركتها الأخيرة في ففعاليات مجلس حقوق الانسان بجنيف، لغة دبلوماسية رسمية رتيبة ومفتقدة للقوة والتفاعل، موضحة أن على المجتمع المدني المغربي أن يتحمل مسؤوليتها أيضا في المعركة الدبلوماسية وأن يتسلح بقوة الخطاب والقدرة على الإقناع.
وسردت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية في حوارها مع هسبريس، ما وقع لها مع السفري الجزائري بسويسرا، موضحة طرق اشتغال الدبلوماسية الجزائرية ضد الوحدة الترابية للمغرب.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
شاركت مؤخرا في فعاليات الدورة 25 لمجلس حقوق الانسان بجنيف، ما تقييمك للأدوار الدبلوماسية للمغرب بالمجلس سواء الديبلوماسية الرسمية أو الموازية؟
يعتبر مجلس حقوق الانسان من المؤسسات الأممية الاستراتيجية بالنظر الى الملف المهم الذي يعنى به ألا و هو ملف حقوق الانسان.المغرب معني بتكثيف حضوره النوعي في المجلس سواء من خلال الديبلوماسية الحكومية ممثلة في البعثة الدائمة او الديبلوماسية الموازية للبرلمان او المجتمع المدني بالنظر الى التحديات المطروحة علينا في مواجهة خصوم الوحدة الترابية الذين يسعون اللى توظيف ورقة وضعية حقوق الانسان في الصحراء للنيل من المغرب و قضيته العادلة في اقليمه الجنوبية.
هل تعتبرين الجهود الديبلوماسية كافية في هذا الاطار؟
بالتأكيد هي غير كافية، الديبلوماسية الرسمية مازالت في حاجة الى الكثير من النجاعة والفاعلية و اليقظة بالنظر الى النشاط المتنامي للخصوم في انشطة المجلس الموازية المنظمة من طرف المجتمع المدني المدعم بقوة تأطيرا و توجيها و تأهيلا و دعما ماديا ومعنويا من طرف الديبلوماسية الجزائرية.
لقد حضرت نشاطا موازيا لجمعية معروفة بعدائها للمغرب جمعت شباب مخيمات تندوف من مختلف بلدان أوروبا ليسيؤوا للمغرب ويتهموه بحرمان الصحراويين من حق التربية والتعليم، النشاط عرف الحضور الشخصي للسفير الجزائري و طاقم سفارته الذي واجهني شخصيا في مداخلتي التي فنّدت فيها أطروحة الخصوم حيث حمّلت بلده مسؤولية الواقع المرير الذي تعيشه ساكنة المخيمات، تشنج السفير الجزائري فاجأني لكونه يعلن رسميا عدم اعتبار بلده طرفا في النزاع غير أن مجهوده منصبّ في المجلس على الإضرار بمصالح المغرب حتى أن الأمر تطور في إحدى الأنشطة الموازية إلى تدخله لدى إحدى الجمعيات لاستدعاء الأمن لإخراج المغاربة الحاضرين من القاعة و سحب شاراتهم قبل إعادتها إليهم، كل هذا التجند و التعبئة لِمن… ليست وحدة أرضه مهددة يسائلنا نحن المعنيون أكثر لأن المشكل يتعلق بنا، وحدتنا الترابية مهددة و جزء من أرضنا مهدد بالانفصال عنا إنها قضية حياة أو موت في مقابل ما يمكن أن أسميه برودا أو تفاعلا تقنيا لا يستحضر البعد السياسي للمشكل مما يتطلب تعبئة و تفاعلا لحظيا.الامر يتطلب نفس المبادرة و هو معطى لا يمتلكه الجميع.
أين تكمن خطورة التحرك الديبلوماسي المضاد ؟
خطورة الطرح الانفصالي لا تكمن في الخطاب الرسمي داخل الجلسة العامة، حيث لا تحظى الخطابات الرسمية بالاهتمام و الاشعاع الكبير ، لذلك خطر الجزائر لا يكمن في التصريحات الرسمية بقدر ما يكمن في اللوبيات الجمعوية التي تحتضنها و توجهها وتدعمها لتنشط في أروقة مجلس حقوق الانسان.
لكن المجتمع المدني المغربي حاضر أيضا؟
دعني أخبرك شيئا، مصالح المغرب يحميها الذين يعملون بالليل والنهار من مواقع مختلفة قد لا نعرف عنهم الكثير بالضرورة.
المجتمع المدني المغربي حاضر في المجلس غير أن حضوره لا زال يحتاج الى الدعم والتأطير، الآن لدينا توصيات الحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي أنهى أشغاله، يجب أن ينصب عملنا على دعم جمعياتنا للحصول على الصفة الاستشارية في لدى المجلس الاقتصادي و الاجتماعي (الايكوسوك) و هي ما يؤهل الجمعيات للحصول على صفة المراقب في مجلس حقوق الانسان و بذلك يمكنها أخذ الكلمة والمشاركة في النقاشات التفاعلية وتنظيم الأنشطة، إنها قضية معايير لانتداب الأفضل والأكثر استعدادا و قوة في الطرح و الحجة، قضية الوحدة الوطنية قضية عادلة بالنسبة للمغرب و عدالة القضية تفترض قوة الحجة و القدرة على الاقناع و هو ما يتطلب فاعلين حقيقيين تحركهم الوطنية والغيرة على أرض الأجداد والأجيال اللاحقة.
من خلال مشاركاتك الدبلوماسية، ما هي أبرز مواطن الضعف التي سجلتيها لدى الدبلوماسية المغربية؟
للأسف سجلت لغة رتيبة مفتقدة للقوة والتفاعل، فمثلا تسمع في أحيان كثيرة خطابات تبعث على الملل، تعد بطريقة تقنية ينقصها العمق السياسي والرسائل القوية القادرة على اثارة الانتباه، فضلا عن الافتقاد للمبادرة، وتشعر أن الجميع ينتظر إشارة ما للانطلاق وحينما تكون الانطلاقة مترددة ومتأخرة تفقد السباق قبل أن يبدأ.
حضرت لنشاط موازٍ تم فيه عرض الشريط المغربي”هوية جبهة” وهو شريط مهم في تقديري رغم بعض الملاحظات، شاهدت كيف كان السفير الجزائري أول من أخذ الكلمة محتجا على مجرد إدراج اسم بلده في الشريط، لاحظت قوته وقدرته على المبادرة في نشاط غير رسمي منظم من طرف المجتمع المدني، مباشرة بعده توجه الى نشاط آخر مناوئ للمغرب أصر على المرابطة بداخله إلى حين انتهائه ولو بعد الدوام الرسمي دعما نفسيا لمنظميه، تساءلت مع نفسي أية روح تعبوية تحرك هؤلاء؟ طبعا نحن نحتاج الى الكثير من الروح القتالية والمبادرة والتضحية والاستباق، الأرض هي السيادة و الكرامة، حين تفقدها تفقد كل شيء.
ما أبرز ما خرجت به من ملاحظات وخلاصات من خلال مشاركتك في أشغال مجلس حقوق الانسان بجنيف؟
الخلاصة الأولى هي أن الصورة عنصر فعال أصبح حضوره متناميا و أصبح سلاحا ضروريا لتدبير المعركة، لقد تم عرض شريط عن تعنيف النساء المحتجات في الأقاليم الجنوبية لأكثر من مرة في أكثر من نشاط، وتأملت وجوه الحاضرين وآلمني تعاطفهم مع خطاب يستجدي الشفقة بالكثير من المغالطات والتضليل…نحن في حاجة الى تطوير خطاب الصورة لكونها أقدر على ايصال الرسائل المطلوبة.
الخلاصة الثانية، وهي أن الخطاب الدعائي المكرور لم يعد فعالا، إننا نحتاج الى خطاب حي و قوي متفاعل مع خصوصية السياق و اللحظة بمختلف اللغات، لقد فوجئت بقدرة العديد من النساء المتبنيات للطرح الانفصالي على تطوير خطابهن وهو ما يدعم هؤلاء بمختلف الوسائل للوصول اليه.
ثم أعتقد أننا نحتاج أيضا إلى تبني معايير صارمة لاختيار أعضاء البعثات الديبلوماسية في مؤسسات الأمم المتحدة بالنظر إلى الأدوار الكبيرة المنتظرة منهم، ونحتاج الى تنسيق الجهود و تكاثفها بين مختلف المتدخلين حكوميين و برلمانيين و جمعويين، لأن قضية الوحدة الوطنية قضية أولوية يجب أن تنسينا منطق الحسابات الصغيرة، ومرة أخرى فوجئت لسماع خطابات من قبيل “هذا ليس عملنا “، “هذا ليس اختصاصنا”، لا بد من التعاون و التكامل في الادوار لان الامور لم تحسم بعد كما قال الملك و هو يتحدث عن قضية الصحراء و يحمل الجميع المسؤولية بخصوص قضية هي قضية الجميع.
هسبريس