ميس أعراب
حضرت نهاية الأسبوع الماضي في الجامعة الدولية بالمدينة نشاطا اختير له من الأسماء ” ميس أمازيغ ” أو ملكة جمال الأمازيغ الذي ينظمه زملاؤنا في جمعية إشراقة أمل، التي رسمت لنفسها خارطة طريق في الساحة الجمعوية بالجهة، وعهدناها تكون أول المبادرين سيما في الاعمال الخيرية التي تشكر عليها.
عندما انتهى الحفل دلفت نحو الخارج ، ففكرت كثيرا لو نظم حفل آخر بنفس المعايير والجهود، لكن باسم مغاير ” ميس فضيحة “، من خلاله يتم تكريم زملائنا والتصويت عليهم ومنحهم جائزة ” ميس فضيحة “، أو مسابقة اختيار أكبر فضيحة، ليس تقليلا من قيمتهم، لكن الامر لا يعدو كونه وضع الأمور في أماكنها، ومنح كل ذي حق حقه، لأن ما أقيم فضيحة لا يجب السكوت عنها.
الذين حضروا الحفل على كثرتهم، منهم من انتبه لفداحة الأخطاء، والخطأ في وجهة نظري هو الحفل ككل، ومنهم من لم ينتبه، لأن ليس كل من حل ضيفا على “ميس أعراب”، فهو أمازيغي، يعرف ما له وما عليه، وإن كانت شخصيات أمازيغية حضرت، لكنها اكتفت بتسجيل استيائها في صمت مطبق، منهم أساتذة باحثون، وكتاب وشعراء وإذاعيون وغيرهم، بل منهم من قال لي علينا أن نكتفي بالنظر إلى الجانب الإيجابي من المبادرة، ” على ربي غير يديروا الناس بحال هاكا ” ، لكني أقول بأنه لا يجب التستر عن الفضائح التي تضرب الأمازيغية في الصميم تحت غطاء الأخذ بالإيجابيات.
سكت الجميع وخرس، ولا أحد قال بأن هذا منكر، والجمعيات التي ما فتئت تتحفنا بالبيانات الاستنكارية لم تحرك ساكنا، رغم أن الأمر ليس بالعادي.
لنعد إلى سرد مكامن خلل ميس أعراب في دورته الثانية، والتي تؤكد بصريح العبارة أن ما حضرناه لا يعدو كونه ضحكا على الذقون، واستهتارا بالمكون الأمازيغي الذي يمثل شر تمثيل من قبل زملائنا هؤلاء، والذي اعتذر لهم كثيرا عن هذه الكلمات التي ستزعجهم لا محال وسيرون فيها حقدا أكنه لهم، وحاشا أن أكن لأحدهم حقدا.
أولى الهفوات هي أن الجمعية المنظمة أهدافها لا تتماشى مع ما نظم، ثم إن أعضاءها ليسوا أمازيغيين، بل لا يعرف جلهم النطق بها، فما بالك أن يكونوا على بينة من تاريخ الأمازيغية والأمازيغيين وحضارتهم وثقافتهم وغيرها وهم الذين يرددون ميس أمازيغ مرفقا بالسنة الميلادية وليس الأمازيغية، ثم إن هؤلاء لا تربطهم بالأمازيغية صلة إلا المصلحة، فبعد خطوة الدورة الأولى التي فازت بها أسماء سارح ابنة ادواسملال وقيل عنها الشيء الكثير حينها، ثم قيل عنها الشيء الأكثر اليوم لأنها تكلمت باللغة العربية وهي ميس أمازيغ في أبشع صور الاستهتار بالأمازيغية، وإن كانت ترتدي زيا أمازيغيا، لكن الذي يحدد هوية الفرد ليس بالدرجة لباسه.
المهم أن المنظمين ارتجلوا أكثر من اللازم فأخرجوا حفل الجمعة الماضي من مخاض عسير، وحتى المنشط لم يتم تعيينه إلا في الساعات الأخيرة بعد رفض الزميل مولاي ابراهيم الحضور وهو الذي تم الإتصال به قبل أقل من خمس ساعات من بداية الحفل.
عُرِب الحفل إذن فخُرب، فغاب التنظيم ورفعت العشوائية شعارها عاليا، وانزاحت الأمور عن مكامنها الحقيقية، فصفق الجميع للكارثة، وبدا المنظمون يتلعثمون وهم يحاولون النطق بكلمة أمازيغية لئلا يلامون، قبلها كانوا قد اجتمعوا برفقة معارفهم وزملائهم خارج القاعة من أجل لم أكبر عدد من المصوتين لصالح فائزة سمراء سيعلن عنها في أخر الحفل بعد تصويت مغشوش لا تحمكه أدنى معايير الدقة والشفافية.
صراحة أتمنى أن يعاد النظر في الكارثة التي تسيء إلينا بشكل أو بآخر، وأضم صوتي للذين يبرؤون أنفسهم من ” ميس أمازيغيات ” لا يعرفن عن الأمازيغية إلا رفع علمها مقلوبا في صورهن على الفايسبوك، ومن الذين يستغلون الأمازيغية في ” جمعية إشراقة أمل ” من أجل مصالحهم الشخصية، فالأمازيغية ليست للمتاجرة، خصوصا في زمن يطغى عليه الحراك الشعبي الذي نال فيه الأمازيغيون حصة الأسد، وبفضله أخرجوا ثلة من المطالب إلى الوجود، وأقترح على الزملاء في إشراقة أمل حلين، الأول أن يتفرغوا لأعمالهم الخيرية ورحلاتهم وأنشطتهم التي يشهد لها الجميع بالنجاح على مستوى الجهة، الأمر الثاني إن كانوا مصرين على تنظيم أنشطة ذات طابع أمازيغي أن يكونوا أمازيغيين، وهذا أمر مستحيل، لذا عليهم تشكيل لجنة أمازيغية داخل الجمعية، يسيرها أناس أمازيغيون، لديهم دراية بالأمازيغية من كل جوانبها، أما الإستمرار في تنظيم ميس أعراب كل سنة سيجعلهم من المغضوب عليهم من أهل الإختصاص، وإذا غضب أهل الإختصاص فالآية تنقلب.