أخبار وطنيةربورطاجات

سوق المسيرة “النموذجي” في أكادير .. الداخل مفقود والخارج مولود

في المدخل الجنوبي للسوق، كُتبت عبارة “السوق النموداجي”، وهي عبارة كافية ليعرف الزائر أن الأمور ليست على ما يرام، على الأقل من الناحية الشكلية بهذا الفضاء التجاري الموجود بحي المسيرة بأكادير؛ فرغم مضي سنوات طويلة على افتتاحه في عهد طارق القباج، إلا أن الخطأ بقي مكتوبا، يُذَكّر المهتمين من الزوار بأنه يخفي وراءه غابة من الأخطاء الأخرى، أولها أنه مهدد بالانهيار في أي لحظة حسب تقرير صدر منذ سبع سنوات عن مكتب دراسات.

داخل السوق مازال بعض الباعة يواجهون قلة الرواج والمحن التي تأتي كلما ساء الجو وهطلت الأمطار الكثيرة، والكثير من المحلات المغلقة، والتي عرفنا في ما بعد أنها لتجار لم يستطيعوا حتى كسب ما يدفعون به ثمن الكراء، أو من حكم عليهم بالإفراغ. محلات بها شقوق، والكثير من الممرات تشعر فيها بقرب السقوط، فالأرضية غير مستوية بشكل يثير التساؤل حول سلامة هذا الفضاء التجاري، ومدى صلابة الأرضية التي شيد عليها.

صراع حول “المستحقات”

لا يعرف أصحاب المحلات في السوق النموذجي “المسيرة” بأكادير لمن سيدفعون مستحقات الكراء هذه الأيام، خشية أن يضطروا لدفعها مرتين؛ فالمجلس الجماعي لأكادير عمّم على الباعة إعلانا يحمل خاتم رئيس الجماعة وتفويضه، يطلب من التجار المعنيين أداء واجبات الاستغلال ابتداءً من يناير 2018 لدى “صندوق شسيع المداخيل التابع للجماعة، وأن أي أداء خلافا لذلك، ولغير حساب الجماعة، لا يبرئ ذمة الملزم”.

ويخبر الإعلان بأن “الجماعة ستتولى تدبير السوق النموذجي ابتداءً من فاتح يناير 2018” بعد “انتهاء سريان اتفاقية تسيير الأسواق النموذجية التي تربط الجماعة بالشركة”.

مباشرة بعد توصل التجار بهذا الإعلان، تم تعميم إعلان مضاد، قامت الشركة المسيرة للسوق بنشره، تخبرهم فيه بأنه “خلافا لما أعلنته جماعة أكادير فإن اتفاقية التسيير مازالت قائمة، ولم ينته العمل بها بعد، لأن أمر إنهائها ليس بيد الجماعة المذكورة ولا بإرادتها المنفردة”. الإعلان نفسه الذي نقل إلى علم التجار المعنيين يزيد موضحا أنه “يتعين على جميع التجار والباعة مستغلي المحلات والمربعات بأن يستمروا في تنفيذ التزاماتهم تجاهنا مباشرة”.

ثم يؤكد الإعلان نفسه أن “أي إخلال أو مماطلة في ذلك أو أي أداء لغير الجهة لا يبرئ ذمة الملزمين”؛ بل إنه أحاط عناية التجار والمستفيدين بأنه في حالة أداء المستحقات لجماعة أكادير فستتم متابعتهم قضائيا وفق العقد المبرمة بين الطرفين، و”مواجهتهم لإجبارهم على الأداء والإفراغ للتماطل إذا اقتضى الحال مع التعويض”.

سوق مهدد بالانهيار

ووفق تصريح عبد المجيد فايق، تاجر ومستفيد من محلات هذا السوق النموذجي، فإن المشكل بين المجلس الجماعي لأكادير وإحدى الشركات ليس وحده ما يؤرق التجار، بل كذلك وضعية السوق.

ويزيد المتحدث نفسه في حديثه لهسبريس الإلكترونية: “تم نقلنا بالقوة من سوق الأحد، على أساس أن هذا السوق سيكون جيدا؛ ولما جئنا إلى هنا اكتشفنا أن المحلات مهترئة ولا تستحمل حتى المطر. لكن الخطير أننا طالبنا بإجراء خبرة على السوق، أثبتت أنه بني على “الردم”، وطالبنا بحماية أرواحنا لكننا لم نتوصل بأي شيء”.

ويزيد فايق موضحا: “لم يتم إصلاح السوق، ولا يتوفر على حراسة ولا نظافة ولا إنارة، والسقف عبارة عن بلاستيك، وانهياره في أي لحظة يشكل خطرا علينا كتجار، وعلى الزبائن الذين يتسوقون منه”، ويضيف: “حنا ضايعين هنا، هناك من اشترى المحل بـ30 مليون وباعه بـ6 ملايين فقط، أو تم حجزه بعد عدم أداء المستحقات”.

وليس التاجر عبد المجيد فايق وحده من يتذمر من وضعية هذا السوق؛ بل إن مستفيدة من محل به شقوق كثيرة تشاطره الرأي نفسه، إذ صرحت ربيعة الركراكية لهسبريس: “تم جلبي لهذا السوق من سوق الأحد، الذي كنت فيه منذ سنة المسيرة الخضراء، ورغم احتجاجي، وطرقي أبوابا كثيرة، لا أحد سمع صوتي.. “ضيعوني””.

إلا أن عبد الرحمان أيت عتاب، رئيس جمعية سوق المسيرة النموذجي، قال في تصريح لهسبريس: “المشكل الكبير الآن الذي يجب أن تجد له السلطات حلا هو لمن سندفع مستحقات المحلات، هل الجماعة أم الشركة المسيرة؟ فكلاهما يؤكد أنه صاحب الحق في المال، ونحن لا نعرف من يملك هذا الحق، خاصة أن الشركة قد تلجأ إلى القضاء إذا دفعنا لجماعة أكادير”.

المتحدث نفسه يزيد بأن “مشاكل السوق كثيرة، لكن المشكل الآني الذي يؤرق من بقي من التجار هو لمن سيدفعون الكراء؟”.

محلات مغلقة

ما يثير الانتباه كثيرا في هذا السوق هو كثرة المحلات المغلقة، والتي زهد أصحابها في زبائن هذا الفضاء التجاري. أحيانا تكون المحلات المغلقة في الصف نفسه، واحدة تلو الأخرى، ما يجعلها تؤثر في رونق السوق، ويبقى محيطها ملاذا للمشردين أحيانا، وللأزبال في أوقات كثيرة.

وقد نقلنا السؤال عن سبب إغلاق هذه المحلات لعبد الرحمان أعتاب، رئيس جمعية سوق المسيرة النموذجي، فأكد في تصريح لهسبريس أن “السبب يعود إلى خلل في توزيعها منذ البداية؛ ففكرة هذا السوق تهدف إلى إيواء الباعة المتجولين وأصحاب الأكشاك وغيرهم من المستفيدين، إلى جانب الذين اشتروا المحلات، لكن أغلب المحلات المغلقة تعود لأشخاص حصلوا عليها بطرق أخرى، وينتظرون أن ترتفع قيمتها ليقوموا ببيعها”.

وزاد المتحدث نفسه: “كما أن هناك محلات تابعة لأشخاص ليسوا تجارا في الأصل، ولا يستطيعون فتحها، وعموما فقد تسببوا في “قتل” الرواج في هذا السوق. وكثيرا ما طالبنا السلطات الوصية بإيجاد حل مع مالكي هذه المحلات لتعود الحياة لهذا السوق النموذجي”.

من جهة أخرى، لا بد أن نشير إلى أن توقيت إنجاز هذا الروبورتاج صادف سفر المسؤولين عن السوق خارج البلاد، فقد حاولنا الاتصال بمحمد بلفقيه، المفوض له تدبير هذا القطاع من طرف المجلس الجماعي لأكادير، إلا أن هاتفه خارج التغطية، والأمر نفسه بالنسبة للمسؤولين عن تسيير السوق، إذ زرنا مكاتبهم بالفضاء ذاته، إلا أن سيدة أخبرتنا بسفرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: