مهرجان الرباب بالدشيرة الجهادية: جسر يربط التراث الأمازيغي بالمستقبل
بقلم: باسين عبد العزيز
احتضنت مدينة الدشيرة الجهادية الدورة الأولى لمهرجان الرباب، المنظم من طرف جمعية مجاوي للثقافة والفن، خلال أيام 13 و14 و15 دجنبر المنصرم 2024. هذا المهرجان، الذي أقيم في القصر البلدي بالدشيرة الجهادية بحضور رئيس المجلس البلدي وكل أعضاء الجماعة ورئيس فريق أولمبيك الدشيرة لكرة القدم، يعد خطوة رائدة في مجال الحفاظ على التراث الفني الأمازيغي وتعزيز حضوره بين الأجيال الصاعدة، من خلال ورشات تدريبية وندوات علمية وأمسيات فنية.
ضمن فعاليات المهرجان، تم تنظيم دورة تكوينية مميزة خصصت لتعليم الشباب العزف على آلة الرباب، تلك الآلة الموسيقية التي تعتبر جزءًا من الهوية الأمازيغية الفنية. وأشرف على هذه الدورة فنانين محترفين في مجال العزف على الرباب، أبرزهم الفنان محمد بن علي إيسار، الذي عُرف بمهارته العالية وإبداعه في تطوير تقنيات العزف، والفنان العربي مجاوي، رئيس الدورة، الذي كان له دور بارز في تأطير حوالي 20 متدربًا، مما يعكس اهتمامه الكبير بنقل هذا الإرث الفني إلى الأجيال الصاعدة.
تخلل المهرجان ندوة ثقافية حول موضوع “الرباب بين التراث الفني والتطور المعاصر”، أطرها الأستاذ الباحث أحمد الدريسي، المدير السابق للمعهد والمتخصص في الثقافة الأمازيغية السوسية. تناولت الندوة تاريخ آلة الرباب ودورها في التعبير الفني الأمازيغي، فضلاً عن التحديات التي تواجه الحفاظ عليها في ظل التطور الفني الحديث. شهدت الندوة حضور مجموعة من الأساتذة والمهتمين بالشأن الفني والثقافي، ما أضفى على النقاشات طابعًا علميًا رفيع المستوى، وأكد أهمية الرباب كرمز ثقافي يستحق العناية والبحث.
تميزت أمسيات المهرجان بعروض موسيقية أبدع فيها المشاركون والمدربون، حيث عكست هذه العروض عمق ارتباط الحاضرين بآلة الرباب وجمالياتها. كما كانت الأجواء فرصة لتبادل الخبرات بين الفنانين والجمهور، مما ساهم في خلق تواصل فني مميز.
يأتي مهرجان الرباب في نسخته الأولى ليؤكد الدور الثقافي والفني الذي تلعبه مدينة الدشيرة الجهادية في الحفاظ على التراث الأمازيغي وتعزيزه. كما يشكل منصة تعليمية وفنية تتيح للشباب فرصة التفاعل مع هذا الإرث الثقافي الغني، ما يسهم في ترسيخه في الأجيال القادمة.
بفضل جهود جمعية مجاوي للثقافة والفن والفنانين المشاركين والمهتمين، إلى جانب دعم المجلس البلدي ورئيس فريق أولمبيك الدشيرة لكرة القدم، يبدو أن مهرجان الرباب سيصبح موعدًا سنويًا ينتظره عشاق الفن الأمازيغي، ليكون بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر، ويعزز من مكانة التراث الفني الأمازيغي في المشهد الثقافي المغربي.