أخبار وطنيةالأخبارثقافة وفنربورطاجاتصحافة واعلام

الخيمة الحسانية لأولاد بوعشرة تنطلق بزخم تراثي وحضور وطني وازن

✍️ باسين عبد العزيز – شتوكة آيت باها

انطلقت فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الخيمة الحسانية لأولاد بوعشرة، وسط أجواء احتفالية مبهرة تجسد عمق الانتماء للهوية الصحراوية المغربية، وتعكس غنى وتنوع الموروث الثقافي الحساني الذي يشكل أحد روافد الثقافة الوطنية.

وشهد اليوم الأول من هذه التظاهرة، التي تحتضنها منطقة آيت أوكمار القليعة بإقليم شتوكة آيت باها، تنظيمًا محكمًا ومشهدًا فنيًا وثقافيًا متكاملاً أبهر الحاضرين، حيث بدا واضحًا حجم المجهودات المبذولة من قبل مدير المهرجان السيد لحسن البوعشراوي، الذي أشرف رفقة أبناء قبيلته على أدق تفاصيل التنظيم، ليظهر المهرجان منذ لحظاته الأولى في صورة مشرفة تُعلي من قيمة التراث وتبرز مكانة قبيلة أولاد بوعشرة في صون الهوية والتقاليد.

المهرجان، الذي يستمر لثلاثة أيام، انطلق بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة ترحيبية لمدير المهرجان، رحّب فيها بجميع الحضور من شخصيات رسمية وأعيان وشيوخ القبائل والزوار من مختلف جهات المغرب، بل ومن خارجه، حيث توافدت عائلات أولاد بوعشرة من الداخل والخارج لمؤازرة هذا الحدث السنوي الذي يُنظم من قلب قبيلتهم، في أجواء أخوية تضامنية تعكس متانة الروابط القبلية والوطنية.

وقد عرف حفل الافتتاح حضور الكاتب العام لعمالة إقليم شتوكة آيت باها، وعدد من ممثلي السلطات المحلية والمنتخبين، إضافة إلى شخصيات ثقافية وفكرية ومهتمين بالتراث الحساني، الذين عبّروا عن إعجابهم بحسن الاستقبال وحرارة الترحيب، حيث استُقبل الضيوف بما جادت به الضيافة الحسانية الأصيلة من تمر وحليب وعبق الخيمة المغربية.

وكانت “الهجّانة الحسانية” وسربات الخيل والجمال من أبرز فقرات هذا اليوم الأول، حيث زينت المكان بلوحات فنية تقليدية نادرة، أعادت إلى الأذهان صور التنقل القَبَلي، ومظاهر العيش الصحراوي في أبهى تجلياته، ما منح الحدث طابعًا بصريًا مثيرًا، وخاطب الحواس قبل الوجدان.

وتميزت فضاءات المهرجان كذلك بتخصيص سوق تقليدي كبير يعرض فيه التجار والعارضون من مختلف مناطق المغرب منتجات محلية وصناعات تقليدية، ما جعل من المهرجان فضاءً اقتصاديًا مفتوحًا وفر فرصة للتبادل التجاري والثقافي، يستفيد منه الباعة والمرتادون على حد سواء.

ويحمل مهرجان الخيمة الحسانية في طياته رسائل كثيرة، فهو ليس فقط احتفالاً بالتراث، بل هو أيضًا إحياء للذاكرة الجماعية، وتأكيد على وحدة القبائل المغربية، وتكريس لثقافة الاعتراف بالهوية المتجذرة في عمق الصحراء والجنوب المغربي.

ومع استمرار فعاليات هذه الدورة، يُنتظر أن يشهد المهرجان خلال الأيام المقبلة ندوات فكرية، وعروضًا فنية حسانية، وأمسيات شعرية، ولقاءات تواصلية، تجمع بين عبق الماضي وتطلعات الحاضر، في إطار من الانسجام الثقافي والانفتاح المجتمعي.

كل هذه المؤشرات تؤكد أن مهرجان الخيمة الحسانية لأولاد بوعشرة بات اليوم موعدًا ثقافيًا سنويًا راسخًا، يُساهم في تعزيز الروابط القبلية، ويدعم السياحة الثقافية، ويُبرز غنى وتنوع الهوية المغربية التي تنصهر فيها جميع المكونات في وحدة لا مثيل لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: