ربورطاجات

مشاهد من حياة شابات حققن النجاح بعد عبور السرير

 

 

جلهن متعلمات وبعضهن حاصل على شهادة في الدراسات العليا، منهن القادمة من أسرة فقيرة، ومنهن المترعرعة في كنف عائلة تغلبت على أعباء الحياة. جئن إلى عاصمة المملكة قصد استكمال الدراسة أو حضور مؤتمر حزبي أو قضاء عطلة.. فانتهى بهم المطاف مستقرات في الرباط، يمتهن أقدم مهنة في العالم، بشروط وفي ظروف غير تقليدية

 وبعد طول تفاوض قبل البعض الحديث عن دعارة “مختلفة”، بينما رفض جلهن فكرة التناول الصحافي لمسار شابات انتزعتهن الظروف من مدرجات العلم وملتقيات الأنشطة الحزبية والمدنية.. إلى أسِرّة المتعة المزينة بالدرهم و أوراق الدولار

زهرة، من الجمعية إلى الجماع

زهرة شابة من الجنوب درست القانون وحصلت على الإجازة من جامعة القاضي عياض بمراكش. عادت الشابة الى مدينتها الجنوبية فاشتغلت بإحدى المندوبيات بأجرة شهرية زهيدة تأتيها من بطاقة إنعاش. اكتشفت زهرة أن العمل الجمعوي بمدينتها ليس مساهمة في المواطنة وبناء المجتمع بل طريقا أيضا للاغتناء والضغط والحظوة الاجتماعية

أسست الفتاة الصحراوية جمعية لها وشكلت المكتب من رفيقات درب في الجامعة وبعض الجارات و جزء من أفراد الجمعية، سريعا نسجت علاقات مع جمعيات وطنية ومؤسسات تنظم ملتقيات للتكوين وإعلان المشاريع بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية، وسريعا أيضا اكتشفت زهرة أن من يستدعيها لا يهمه (في غالب الأحيان) إلا الحضور الرمزي للشابة ومن معها بلباس “الملحفة” المحلي الذي يحلو لكاميرات التلفزة الرسمية التركيز عليه كما تصرح بنت الجنوب

لم تفهم ذات الـ27 ربيعا كيف تتمكن إحدى رئيسات جمعية “تنموية” بمدينتها من تمويل عدد هائل من مشاريعها التي تصفها بـ”الخاوية”. تمويل دفع زهرة للدخول في صدام مع بعض ممثلي السلطات المحلية ورؤساء المجالس المنتخبة ببلدتها على خلفية المعايير المعتمدة من أجل تمويل هذا المشروع وترك ذاك ! بعد أشهر اكتشفت زهرة السر، رئيسة الجمعية الغريمة تتوفر على بيت جميل تدعو له علية القوم حيث يسهرون على أنغام العود ويتلذذون بلحم الإبل المطبوخ على نار هادئة، قبل أن تعرض أمامهم أجساد فاتنة بدل أوراق المشاريع المليئة بالأرقام والنصوص التي لا تأتي إلا بوجع الرأس حسب تعبير المتحدثة

استقلت زهرة الطائرة، قبل أربع سنوات، نحو الرباط ووجهتها مؤتمر وطني لحزب عريق، شاركت في لجنة إعداد القوانين وجلست في موائد الأكل التي يجلس إليها شيوخ الحزب، فاوضت على كوطا تمثيل لنساء الجنوب داخل الأجهزة التقريرية ووزعت رقم هاتفها النقال يمينا ويسارا فتناثرت الابتسامات عبر قاعة المؤتمر كما تناثر العطر الذي قالت إنه غالي الثمن ويعود لابنة خالتها التي اقتنته من باريس

مع اختتام المؤتمر وقبل حلول المساء تقاطرت المكالمات الهاتفية من كل حدب وصوب، اختارت زهرة دعوة عشاء وجهها برلماني يشغل عضوية المكتب السياسي ولديه كلمة نافذة داخل مؤسسته الحزبية

انتهت الفاتنة والسياسي من وجبة العشاء التي احتضنها مطعم راق في “طريق زعير” وكان “الديسير” على سرير إحدى الفيلات بمدينة الهرهورة تقول زهرة ومحياها تعلوه ابتسامة مختلطة بالمرارة

ليل الهرهورة تلته أيام مزدهرة و أسِرة يؤثثها “ضحايا” جدد، الهدية الأولى كانت عبارة عن هاتف “أيفون”، الهدية الثانية ساعة من نوع “فييستينا” لكن أكبر الهدايا كانت سيارة اقتصادية مصدرها رئيس جماعة قروية فقيرة حسبما تحكي زهرة

اختارت بنت الجنوب الرباط مستقرا واكترت بيتا في أكدال، تستقبل فيه علية القوم اقتفاء لأثر غريمتها التي ألهمتها

علية القوم يقصدون البيت وفق برنامج زمني تضبطه زهرة على عقارب الساعة التي جاءتها على شكل هدية

زهرة تحافظ إلى الآن على حضور الملتقيات والمؤتمرات والتكوينات وتقدم نفسها للعالم كرئيسة لجمعية مدنية، لكن وراء كل هذا توجد زهرة أخرى، تحولت من فاعلة في الجمعية إلى فاعلة في الجماع

منال، حكايات الفن والعفن

جاءت منال من مدينة صغيرة إلى العاصمة الرباط، وتقدمت لاجتياز مباراة بالمعهد العالي للفنون الدرامية و التنشيط الثقافي، ولجت فتاة “مغرب الهامش” المعهد وقضت أربع سنوات من الدراسة والتحصيل والتدريب والمشاركات الفنية في بعض الأعمال الإبداعية هنا وهناك

منال بنت الجبل التي قضت طفولتها في قرية، اكتشفت حانات ومطاعم السمر وعلب الليل منذ سنتها الأولى بالرباط، غير أن تلك السهرات الليلية لم تتجاوز الخروج صحبة صديقات وأصدقاء للترويح عن النفس و تغيير روتين يفرضه إيقاع التمدرس و الجلوس الطويل أمام سبورة التحصيل كما تحكي طالبة الفن

تعترف الشابة أنها لم تجد نفسها مجبرة على امتهان الجنس مقابل المال و الأعمال، وأن القصة بدأت عندما لبت دعوة إحدى صديقاتها للمشاركة في “كاستينغ” عمل سينمائي لأحد المخرجين المغاربة المعروفين والذي ذكرته بالاسم. انتهى “الكاستينغ” و اختيرت منال لأداء مشهد ثانوي جدا ومرور عابر في مشهد عابر دون حوار. لم تستسغ الفتاة الحديثة التخرج ما وصفته بـ “استصغار” من خلال دور تافه حسبما حكت

اتصال هاتفي يسمع منه صخب موسيقى “الجاز” والمتحدث صديقة منال وهي تخبرها بصوت يكاد يسمع “أجي المخرج××× راه هنا و كايشطح بحال شي عيساوي”. ارتدت الممثلة حداء بكعب عال و فستانا أسودا ووضعت أحمر شفاه قاني و استقلت سيارة تاكسي في وقت قياسي و هي “معولة على خزيت” وفق تعبيرها

وجدت صديقتها في الاستقبال ومعها المخرج الذي يعدد انجازاته و ينتقد المركز السينمائي المغربي بصوت عال و إلى جانبهما صحفي معروف في مجلة فرانكفونية و مدير و كالة بنكية بحسان. انتهت السهرة فأقل المخرج الصحفي و الممثلة في سيارته بينما تكلف مدير الوكالة البنكية بإيصال صديقتها التي تسكن نفس الحي. في الطريق أصرت الشابة التي تناولت بعضا من النبيذ أن يكون الصحفي أول من يصل إلى باب بيته، تحقق مرادها لتنفرد بالمخرج و تخبره أنها لازالت تقطن الحي الجامعي وأن الحي قد أغلق بابه في ساعة مبكرة. تردد المخرج قليلا قبل أن يركب رقما على هاتفه النقال و يخبر زوجته أنه في حالة سكر متقدم و أن الثمالة تجبره على قضاء الليلة عند صديق، قبل توجيه مقود السيارة نحو “كُارسونيير” بحي المحيط

منال قالت إنها لم تحصل على دور البطولة في الفيلم، لكنها حصلت على دور أفضل بأجر أفضل وشروط أفضل، بعد ذلك اكتشفت سرير الصحفي الذي كتب عنها مقالا “رائعا” يفوق مسارها، كما زارت بيت مدير البنك الذي مكنها من بعض الدولارات المتبقية من سفره الأخير و قرض استهلاكي بشروط تفضيلية، اقتنت به ثلاجة وفرنا وضعتهما في مطبخها الصغير في بيت اكترته غير بعيد من مركز المدينة

منذ ثلاث سنوات تقريبا و الممثلة “الصاعدة” لا تضع يدها في جيبها كما لا تجد صعوبة في الحصول على أعمال. التقنية هي نفسها، بل يحدث أن تتصل أحيانا من مدينة بعيدة لتخبر مخرجا أو منتجا أنها مفلسة أو سرقت منها محفظتها، للتوصل بسومة مالية تكفيها لقضاء أيام بعيدا عن ضوضاء البلاطوهات

منال ليست نادمة و لا تحس بتأنيب ضمير، “النجاح” في المغرب يمر عبر قنوات أخرى و “الكاستينغ” الحقيقي يكون فوق سرير صاحب القرار. أكثر من هذا فالممثلة اللعوب عاشقة للتعدد و تجد متعة في ذلك وفق ما جاء في شهادتها

حالات لا تخطر على بال

طيلة شهري أكتوبر ونونبر، وفي خضم بحث عن حالات تعكس عن هذا النوع من “بائعات الهوى” التقينا بعيِّينات قد لا تخطر على بال وسمعنا قصصا مثيرة قد تصلح لتأليف رواية أو كتابة سيناريو.

مقاولة ومقدمة برنامج تلفزيوني ورئيسة قسم و… كلهن عبرن سريرا ما، قبل الوصول إلى ما وصلن إليه وبقين ممارسات لـ”الدعارة” حفاظا على المكاسب، غير أنهن رفضن جميعا أن تخرج شهادتهن عن إطارها الحميمي، مما جعلنا نحترم رغبتهن ونكتفي بالحالتين اللتين لم يكن لصاحبتهما مشكلا في نشر غيض من فيض قصص “نجاح” خدشته متاجرة بالجسد.

ملحوظة: كل الأسماء مستعارة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: