أراء وحواراتأعمدة

و جهة نظر : جعجعة الطاحونة الانتخابية (قراءة في النتائج و الافاق )

انتهت جعجعة الطاحونة الانتخابية و انتهى الهرج و المرج،ومرت العملية (الحملة الانتخابية و عملية التصويت) بما لها و بما عليها ، و بما شابها من ملاحظات أو خروقا، في نظر بعض من رؤساء الأحزاب .و ظن البعض انه تفسير من هؤلاء الرؤساء و تبرير لفشلهم في الحصول على التزكية من طرف المواطنين في المدينة التي قدموا فيها ترشيحاتهم.

و طبعا عندما تنتهي عملية اجتماعية ووطنية مثل الانتخابات كل واحد من المغاربة يقدم قراءة بسيطة أو عميقة لهذا الحدث الوطني و المجتمعي في نفس الوقت،و السياسي أيضا، ما دامت أحزاب هي من تولت قيادة هاته العملية (الشعارات و الخطب و التجمعات و تجنيد مناضليها…) وتبارت على المناصب في القرى و المدن و الأحياء.

عملية فرز الأصوات أظهرت أحزابا قوية،و أخرى متوسطة ،و أحزابا ضعيفة.و ما بقي منها، ليست إلا أحزابا ميتة في المهد و لا حضور لها في الخريطة الجغرافية.كان من اللائق أن تمحى من الوجود ،لعدم وجود من يناصرها( إذا كان رؤساءها لديهم شيء من الكرامة و المروءة و الاعتزاز بالنفس ) .
فالمغاربة لا يمكن أن يكونوا في وضع سياسي طبيعي و عدد الأحزاب التي شاركت في الانتخابات بلغت حزبا:35 حزبا.بينما عدد الأحزاب التي نعرفها في الولايات المتحدة الامريكية،هما الحزب الجمهوري و الحزب الديمقراطي. 35 حزبا في المغرب لهم تشابه في الأسماء و الشعارات الانتخابية،و ليس البرامج( البرنامج له أهداف و محتوى(بماذا يتعلق الأمر) وطرق انجازه و وسائله المادية و البشرية و تقويمه.و لعل هذا لم نلمسه في هذه المرحلة…

ليس كل المغاربة لهم انتماء سياسي أو حزبي،بل لهم شعور وطني أنهم يذهبون إلى صناديق التصويت،ليقدموا أصواتهم للحزب و ليس إلى المرشح،على اعتبار التصويت باللائحة التي تضم عددا من المرشحين.وعلى اعتبار أيضا أن التصويت على الرمز هو ما يوصي به المنتمون للأحزاب …و الكل يعلم أن شريحة واسعة من الرجال و النساء و الشباب ليس لهم دراية بالقراءة (حتى لا نقول بالكتابة ،لاعتبار أن الكتابة عملية عقلية أرقى و أصعب و اعقد من القراءة). و الساكنة التي ليس لها علم بالقراءة تكون في غالب الأحيان موجهة (مبرمجة) من طرف أشخاص (الأقارب و الجيران و آخرين) ،فالمهم بالنسبة لهؤلاء هو الرمز أو الصورة التي يضع عليها علامة.

و الحكومات السابقة تتحمل (و الدولة أيضا) مسؤولية في العجز أو عدم الرغبة في القضاء على الأمية الأبجدية بينما شعوب متقدمة تحاول القضاء على الامية الرقمية…و هذا يعتبر وصمة عار أن تعجز الدولة في تحقيق تعليم كل الشعب منذ 1956 إلى اليوم(60سنة). فمن واجبات الدولة أن تجعل تعليم مواطنيها واجبا من واجباتها، و حقا من حقوق كل مواطن .كما فعلت فيتنام في زمن الحرب ،و كل الدول التي أحرزت تقدما في المجال العلمي و الاقتصادي ،كانت بدايتها من المدرسة(راجع كتاب محمد عابد الجابري :أضواء على مشكل التعليم بالمغرب،و من اجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية و التربوية. دار النشر المغربية الدار البيضاء.

ففي ظل مجتمع فيه55 % من ساكنته لا تعرف القراءة، ستكون نتائج الانتخابات غير حقيقية(أي لا تعبر عن الرغبات الحقيقية المقتنع بها فكريا).لأنها تقع تحت تأثير أناس آخرين بشكل من الأشكال(الإيحاء المال الأمر التوصية التحريض..) أفرزت هذه الانتخابات من هي الرؤوس الكبيرة ،و هي التي تتربع على رأس اللوائح،و هي متكونة عادة من الأثرياء و فاحشي الثراء.و ليس هناك واحد من البسطاء الفقراء كان على رأس القائمة(كلهم نسور و صقور).و هؤلاء هم من سيتحكمون في مصير المغاربة كلهم.

مع العلم أن ثلث الساكنة المغربية تعيش تحت سقف الفقر(اقل من 20 درهما كدخل يومي) ،و نصف الساكنة من الفقراء،و ان 10% من المغاربة يستحوذون على%80 من الثروة و الاقتصاد.

لن يتغير أي شيء بعد الانتخابات في نظري المتواضع ،و ما هو مسطر، على كل حكومة كيفما كان لونها السياسي أن تنفذه حرفيا،و لن تفعل شيئا سوى الرضوخ لاملاءات المقرضين العالميين(46مليار دولار دين على المغاربة تسديده ، و لهذا سنرى زيادة في أثمان المواد ذات الاستهلاك الغذائي الواسع كالسكر و الزيت و الدقيق بأنواعه و الشاي و القهوة،و ارتفاع صاروخي في ثمن غاز البوطان(وقد أشارت إليه الحكومة الحالية و التي سربت أن الثمن سيكون 120درهم للقنينة) و ارتفاع في فاتورة الماء و الكهرباء وارتفاع في اقتطاعات الموظفين العاملين و المتقاعدين لفائدة الصندوق المغربي للتقاعد،و زيادة في سنين العمل (65سنة)،و تقليص إلى الحد الأدنى في الوظائف العمومية،و تقليص تدريجي في الخدمات الطبية للفئات المعوزة،و انخفاض في العرض المدرسي(كما و كيفا ) ….
هذه قراءة لبعض عرض الحكومة المقبلة ،استقاه المغاربة غير المنتمين لأية جهة حزبية ،من خطب رئيس الحكومة و تدخلاته في مناسبات عدة،هو ومجموعة من الوزراء . سيكون هذا هو الاتجاه ،سواء كان حزب العدالة في رئاسة الحكومة أو غيره من الأحزاب “ستعود حليمة لعادتها القديمة” و إن غدا لناظره قريب.و كما يقول أهلنا البسطاء ((النهار الزين يبان من اصباحو))،و نحن لم نر صباحا جميلا كي نقول هذا النهار سيكون أجمل…

جهة بريس // نور الدين . س

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: