انتخابات الجهات..”الجرار” يحرث و”الوردة” تذبل و”المصباح” ينطفئ
حمل انتخاب رؤساء الجهات “مفاجئات” كثيرة، من خلال تصدر حزب الأصالة المعاصرة، رئاسة خمس جهات من بين الجهات الـ12 بالمملكة، بالرغم من أن خصمه السياسي، حزب العدالة والتنمية، هو من تبوأ الرتبة الأولى في الانتخابات الجهوية التي جرت في الرابع من شتنبر الحالي.
نتائج انتخابات رؤساء الجهات أفرزت إجمالا سيطرة الأصالة والمعاصرة على جهات لم يتمكن من تحصيل الأغلبية فيها، وخسارة العدالة والتنمية لرهان جهتي الدار البيضاء وطنجة، واستفادة “الأحرار” من تحالفه الحكومي، وتكريس الاستقلال لسيطرته على جهات الصحراء، فيما كانت الضربة القاضية لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يطمح للفوز بجهة واحدة، وعجز عن تحقيق ذلك.
هيمنة “الجرار”
تمكن الأصالة المعاصرة من الظفر بـ5 جهات من أصل 12 جهة بالمملكة، بعد أن أصبح نائب أمينه العام، إلياس العماري، رئيسا لجهة طنجة تطوان، وجهة خنيفرة بني ملال التي ترأسها إبراهيم مجاهد، بالإضافة إلى جهة الدار البيضاء سطات، التي تسيدها مصطفى الباكوري، وكذا جهة مراكش آسفي، التي تقدم فيها مرشح “الجرار”، أحمد اخشيشن وحيدا.
وبعد الجدل الذي أثير حول حالة التنافي لعدد من المرشحين باسم حزب الأصالة والمعاصرة في جهة الشرق، تمكن مرشح الحزب عبد النبي بعوي، من الظفر بالرئاسة، بعد أن كان ينافسه فيها مرشح حزب العدالة والتنمية.
“اللمبة” تعطلت
بعد أن كان حزب العدالة والتنمية يراهن على الظفر بعدد من الجهات الكبرى بالمغرب، كجهة الدار البيضاء سطات، وجهة طنجة تطوان، لم يتمكن الحزب الإسلامي من الحصول إلا على رئاسة جهتين فقط، هما جهة الرباط سلا القنيطرة التي آلت إلى عبد الصمد السكال، وجهة درعة تافيلات للحبيب الشوباني.
وبالرغم من تصدره الانتخابات الجهوية، إلا أن التحالفات لعبت دورا كبيرا في إسقاط مرشحي الحزب في جهات كان يراهن عليها، حيث لم يحصل عبد الصمد حيكر، مرشح الحزب في الدار البيضاء، إلا على 34 صوتا، مقابل تصويت 40 منتخبا على خصمه مصطفى الباكوري، مع تسجيل امتناع عضو واحد عن التصويت.
وبعد اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ليلة أمس وقرارها بعدم التصويت على مرشح “البام” في جهة طنجة، إلا أن المنتمين للحزب صوتوا على إلياس العماري، في تناقض واضح مع التسريبات التي خرجت لوسائل الإعلام حول اعتراض الاستقلال على مرشح حليفه في المعارضة.
“حمامة” متمردة
على الرغم من احتلال حزب التجمع الوطني للأحرار، للمركز الرابع في نتائج اقتراع الرابع من شتنبر، إلا أن الحزب تمكن من الفوز بجهتين، هما جهة سوس ماسة، وكلميم وانون، شأنه في ذلك شأن العدالة والتنمية الذي فاز بجهتين.
وتمكن مرشح الأحرار، في جهة كلميم واد نون، عبد الرحيم بوعيدة، من قلب الطاولة على مرشح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الوهاب بلفقيه، الذي خسر رهان الجهة، بعد أن ظل خلال على رأس المجلس البلدي لمدينة كلميم.
أما في سوس ماسة، فقد فاز إبراهيم الحافيدي، برئاسة الجهة متفوقا على منافسه في من حزب الاستقلال، عبد الصمد قيوح، بفارق 21 صوتا، وذلك بعد أن تحالفت أحزاب الأغلبية، واتفقت على تقديم الحافيدي.
“استقلال” الصحراء
حزب الاستقلال بدوره، برهن على قوته في الأقاليم الصحراوية، بعد أن تمكن من رئاسة جهتين من أصل ثلاثة، مكرسا بذلك هيمنته على هذه المنطقة التي ظل لسنوات عديدة يسيطر على مجالسها الجماعية والجهوية.
وكما كان متوقعا، حصل حمدي ولد الرشيد رئيس الجهة المنتهية ولايته، مرشح الحزب على الأغلبية، على 21 صوتا، مقابل 15 صوتا لمنافسه محمد الرزمة عن التجمع الوطني للأحرار، ليبقى في منصبه للمرة الثانية على التوالي.
أما في جهة الداخلة واد الذهب، فقد كانت المنافسة كبيرة بين الاستقلال الأصالة والمعاصرة، وانتهت بفوز الأول عبر مرشحه، الخطاط إينجا بـ 18 صوتا مقابل 15 لمنافسته عزوها منى.
“سنبلة” منطقية
ولم يسجل انتخاب رئيس جهة فاس مكناس أية مفاجئات تذكر، حيث تمكن مرشح أحزاب الأغلبية، امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، من رئاسة الجهة، بعد انسحاب منافسه، حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال من سباق رئاسة الجهة.
“الوردة” في مهب الريح
وكرست نتائج رئاسة الجهات، خيبة الأمل التي مني بها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد أن خسر الرهان في الظفر برئاسة جهة كلميم واد نون، والتي كان يعول عليها بشكل كبير، خاصة أن مرشحه هناك عبد الوهاب بلفقيه، كانت له حظوظ وفيرة، لكن فرق الصوت الواحد، أعطى الأفضلية لخصمه، عبد الرحيم بوعيدة، من حزب التجمع الوطني للأحرار.
نتائج متوقعة
هذه النتائج المسجلة، اعتبرها أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس بالرباط، أحمد بوز، “غير مفاجئة”، بالنظر إلى مجموعة من المؤشرات التي حملتها نتائج اقتراع الرابع من شتنبر، مبرزا أن جل التكهنات كانت تذهب إلى أن الأصالة والمعاصرة سيحصل على رئاسة أربع جهات.
ولكن المفاجئ في انتخاب رئاسة الجهات، بحسب تصريحات بوز لجريدة هسبريس، هو حصول الأصالة والمعاصرة أيضا على جهة خنيفرة بني ملال، مؤكدا سيطرته على خمس جهات كاملة.
واعتبر الباحث في العلوم السياسية، أن هذه النتائج تعتبر إيجابية لحزب العدالة والتنمية، الذي تقدم في تصنيف الأحزاب، “لكن دون التأثير على نتائج الأصالة والمعاصرة، الذي حصل على رئاسة جهات بطعم التعيين” على حد تعبير المتحدث ذاته.
“القاعدة غير المكتوبة تقول إن اكتساح “البيجيدي” لمراكز الجهات لا يجعله يكون على رأس هذه الجهات”، يقول بوز، مفسرا ذلك، بأن لابد أن تسير الجهات ألوان سياسية أخرى، مقابل تسيير الحزب “الإسلامي” للمدن الكبرى.
وأضاف المحلل بأن هذا التوازن في التسيير يبقى حاضرا بشكل دائم، كما “أنه مطلوب ومتوقع”، رغم أن “المصباح” ربح هذه الانتخابات سياسيا، لكن “نتائج انتخاب رؤساء الجهات ستشوش على إرادة الناخبين الذين صوتوا لصالحه”، مردفا بأن الفرصة أعطيت له، لكن التحالفات كان لها رأي آخر”.
وبخصوص نتائج جهات الصحراء، أكد بوز أن النتائج التي تحصل عليها حزب الاستقلال في جهات الصحراء، تعد ترجمة للحضور القوي لـ”آل الرشيد” في المشهد السياسي هناك، باعتبار أنها منطقة حساسة” على حد تعبير الباحث.
وأردف الخبير في الشأن السياسي أن الاستقلال كان يراهن على جهة فاس مكناس،وبخسارته لهذه الجهة يكون قد خسر الانتخابات، باعتبار أنها “منطلق الحزب” وترشح فيها أمينه العام حميد شباط، ليبقى العنوان الأبرز، هو “خسارة الانتخابات بالرغم من استقرار النتائج”.
وتعليقا على النتائج المخيبة لحزب الاتحاد الاشتراكي، وخروجه خال الوفاض، من رئاسة الجهة، أكد أستاذ القانون الدستوري أن هذه النتيجة متوقعة”، قبل أن يعزو تراجع “الوردة” للصراعات التي عاشها خلال السنوات الأخيرة، وكذا تراجع رفاق إدريس لشكر سياسيا، في المشهد الحزبي بالمغرب.