إني رأيتك هذا الصباح، نعم رأيتك لكن كان لونك شاحبا ؟!!!
إني رأيتك هذا الصباح، نعم رأيتك لكن كان لونك شاحبا، باهثا. رأيتك في عيني الجياع والبؤساء، مرسومة في بياض بؤبؤ عين الرثين من أهل الدوار.
رأيتك في عيني “مي ربيعة” وهي تسوق حمارها، تمضي نحو ضيعة لتجلب الكلأ لنعاجعها. النعاج تموت في دجنبر نائمة. إنها تصبو إليك، تريدك، وكلما حاولت أن تقترب منك تهربين.
رأيتك في عيني “بناي” يهوي بمطرقته على مسمار يعانده في الإنغراس بجدار إسمنتي، أنت أيضا تعاندينه، وتتركينه يتلوى شوقا لأن يقبض عليك. فأنت الضامن الوحيد لأن يحس بإنسانيته.
رأيتك في مقلة عين “مياوم” داوم على الإستيقاظ باكرا، يطرد البرد والتعب ويتجه “للموقف”. يقف في إنتظار العمل الذي قد يأتي أو لا يأتي. إنه يخلف الموعد دائما، فيعود خائبا متسلحا بأنه في يوم ما، سيعرف طريقه إليك.
رأيتك في عيني أستاذ متدرب هوى “مردة” بعصاه على قفاه. رأيتك من خلف زجاج نظارة طالب فيزياء لم يتناول فطوره الصباحي، ويطلبون منه فك معادلات.
رأيتك على راحة يد عجوز بدوية، وفي خدود طفلات جبل يحشون أيديهن الصغيرة في أمعاكياس بلاستيك درءا للفحات برد قارس.
رأيتك في عيون كل هؤلاء وآخرون، لمحتك في أيديهم وعلى جباههم. نعم أيتها الكرامة، إنهم يصبون إليك صبو الظمآن للماء. يرغبون فيك، يتمنونك، فتجلى التمني في عيونهم وأياديهم وعلى جباههم.
سيحصلون عليك يوما. متى، لا أعرف. وإلا غاية ذلك اليوم سيظلون حاملين بك، آملين فيك.
صباح كرامة منشودة.