عيد المولد بسوس … طقوس تنتهي بنشر الإخاء و غسل الكراهية بين أبناء القبيلة الواحدة
استعدادات قَبْلِية
يشكل عيد المولد النبوي مناسبة سنوية لذا ساكنة القبائل السوسية للتلاقي ، فاغلبها تستغل هذه المناسبة الدينية لنبذ الخصومات وإعادة الصفاء بين افرادها ، وتبدأ الاحتفالات بهذا العيد الذي مازال الجدل قائما حوله لذا علماء المسلمين منذ الاسبوع الاول من شهر ربيع الاول ، فمثلا بقبيلة تافراوت المولود ضواحي الجماعة القروية انزي وسط جبال الاطلس الصغير بتزنيت تستعد المدارس العتيقة للاحتفال بمجرد ظهور هلال اليوم الاول لشهر ربيع الاول ، وتبدأ الاستعدادات الروحانية من خلال تخصيص أوقات بين الصلوات للتذكير بميلاد سيد الانام وخير البرية يليها حلقات للذكر تنتهي غالبا بالصلاة والسلام عليه .
المسجد خاص بالرجال
وبحلول يوم العيد الذي صادف هذه السنة 24 من شهر دجنبر ، تبدأ اولى بشائر الاحتفال بهذه القبائل بعد صلاة الصبح بظهور أولى خيوط الشمس التي تعم المكان ، وتبدأ الحركة تدب في الدواوير المجاورة من خلال الدخان المنبعث من الافرنة التقليدية التي تتخصص اليوم في اعداد خبر ” تافرنوت” لما له من دلالة خاصة ترمز للفرح ، وحوالي الساعة العاشرة صباحا يتم التوجه الى المدرسة العتيقة التي تتواجد وسط القبيلة، فتنطلق الاحتفالات بعيد المولد النبوي بحضور الأعيان والساكنة من الرجال والأطفال خاصة دون النساء، فيتم استغلال ساحة المسجد الكبيرة التي تتسع للوافدين والضيوف ، وتبدأ حلقات الذكر بقراءة ابيات من كتابي الهمزية والبردة للامام البصيري في مدح الرسول الكريم ، وبين الحاضرين يجلس المكلفون بإعداد الشاي الذين يحضون باحترام الجميع ، وأمامهم ينطلق بخار المياه الساخنة التي تخرج من جوف “المقاريش ” النحاسية ،
موائد بدون هوية
وبعد اعداد الشاي الساخن يتم تحضير الاكل الذي يكون خاصا بمناسبة عيد المولد دون غيره من الاعياد ، بحيث يتم الاعتماد فيه على منتوجات محلية بالأساس مع تفادي اعداد وجبات مكونة من اللحم ، ويقتصر الاكل اليوم حسب افادات لاشتوكة بريس صرح فيها الاستاذ الحسين اصماد إعلامي و احد ابناء المنطقة ومهتم بالتراث وفاعل جمعوي بان كل اسرة تقوم بإخراج مائدة تتكون اساسا من المواد التالية : خبر تافارنوت والعسل وزيت الاركان والسمنن البلدي وزيت املو ، ويضيف المتحدث ” تقليد مشاركة وتقاسم الطعام في أعياد أدرار …. عادة اجتماعية دينية تروم تذويب الفوارق بين سكان القرية الواحدة، حيث تعد كل أسرة مائدة تتكون في الغالب من المنتوجات المحلية / خبز تقليدي، سمن، عسل طبيعي، زيت ….ويجتمع الناس ضحى في المسجد لتذوق جميع الموائد التي تمرر بشكل منتظم أمام عموم الحاضرين.وبهذه الطريقة يتذوق الجميع تلك الاطباق التي يتساوى فيها وأمامها الغني والفقير والصغير والكبير، ولأن الموائد متشابهة ولا تحمل هوية معديها يتناول المتخاصمون طعام بعضهم البعض مما يجعل الاعياد في أدرار مناسبة لتقوية روابط التماسك وتذوبب الخلافات عن طريق مشاركة الطعام الذي يشكل طقسا رمزيا يكثف معتقدات ثقافية ودينية ترسخت على مر قرون ….”
رقصة الشمس فرحا بالمولد
وسعيا الى ادماج الاطفال في المناسبة الدينية وإبراز اهميتها ، فإنهم مدعوون اليوم بالنظر إلى الشمس وإقناعهم بأنها ترقص فرحا بميلاد الرسول ، وهو ما ينتبه اليه الاطفال من خلال النظر الى الشمس الذي يكون صعبا و يدفعهم الى الاقتناع فعلا بأنها ترقص .
مسك الختام :احتفالية النساء
ويبقى من أهم طقوس اليوم ، تخصيص احتفالية خاصة بالنساء ، و الفرق فيه بين الذكور والإناث أنهن غير ملزمات بالحضور للمسجد للاحتفال ، فيتم اعداد ساحة وسط القبيلة او اختيار منزل اسرة ميسورة ، وهناك تلتقي النسوة ويقضين وقتا ممتعا في سرد قصائد الأمداح بالامازيغية متبوعة بالدف ، وتنتهي غالبا بالصلاة والسلام على الرسول ، ويمتد هذا الاحتفال حتى مغيب شمس يوم العيد ، ليسدل الستار على يوم مليئ بالافراح وتتصافح فيه الايادي وتخشع فيه القلوب ن ويحن فيه القوي على الضعيف ، وياكل فيه الغني بجانب الفقير ، وتذوب فيه الفوارق والخلافات بين ابناء القبيلة الواحدة إيذانا بسنة جديدة ملؤها الود والحب والاخاء والتسامح بعيدا عن التطرف والغلو والبغض والكراهية