إِمُورَان .. موسم حج العُشّاق إلى الصخرة الأسطورية

ميمون ام العيد
على بعد 14 كيلومترا شمال مدينة أكادير، في بلدة تدعى تامراغت التابعة إداريا لجماعة أورير، توجد صخرة عملاقة ممتدة على طول 55 متر داخل البحر. تشكل مزارا سنويا يقام في الجمعة الأولى من شتنبر من كل سنة. حيث يحج إليها الشبان والشابات من كل المناطق المجاورة بين من يطلب الزواج وبين من يعرض سلعة، وبين من يطلب بركة الولي الصالح أيت إعزى واهدى دفين إموران، وبين من جاء سائحا ليس إلا.
إِمُورَان: تعددت الأسماء والموسم واحدُ
تتعدد روايات اسم إِمُورَان ( التي تعني العشاق بالأمازيغية) بين من ينسبها إلى قصة حب أسطورية جمعت حبيبين من المنطقة، تحديا كل العوائق في سبيل أن يجمع بينهما سقف واحد. وبين من يربط الاسم ببطولة قبائل إداوتنان التي أبلت البلاء الحسن وانتصرت على البرتغاليين وطردتهم من هذه الصخرة التي شيد فيها يوحنا لويس قلعة لم تكتمل ولم يتبق منها أي أثر، حيث البطل في الأمازيغية يسمى مورّان.
ورواية ثالثة تربط اسم إِمُورَان بالاسم البرتغالي للمنطقة إبان التواجد الاستعماري. حيث إن القرية معروفة بالبرتغالية باسم ”بيم ميراو ”، قبل أن يتم إجلاء البرتغاليين من القرية ثم إجلاؤهم بشكل كامل من أكادير في مارس 1541. أيا كان أصل التسمية فإن إِمُـورَان يستقطب آلاف الزوار كل سنة وما يزال من يؤمن ”ببركة ” المكان في الحصول على شريك الحياة.
انتصار على البرتغال
قال الدكتور أحمد صابر عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية متحدثا إن “أقدم ما يُتوفر عنه من معلومات تاريخية عن إِيمُورَانْ تعود إلى سنة 1505، عندما جاء البرتغال لاستعمار أكادير فونتي التي كانت تسمى أنذاك ” لْــعْرْبَا ” ( نسبة إلى سوق أسبوعي يقام كل أربعاء)، وبعد أن استقروا في أكادير وضموا عين سيدي بوقنادل، التحقوا بالمكان الذي يسمى الآن إيموران التي يسمونها في الوثائق البرتغالية بـ ” بم ميراو ”، ثم بدأوا في تشييد قلعة محاذية للبحر، لكن قبائل إداوتنان حاربتهم واضطر البرتغاليون إلى مغادرة ذلك المكان في أقل من سنتين. حتى تلك القلعة التي بنوها قاموا بهدمها ولم يبق منها الآن أي أثر، كما لم يتبق أي أثر في الكنيسة التي بنوها في أكادير إغير أو أكادير لْــعْرْبَا”.
وبخصوص إسم ‘ إِمُورَان ‘ قال الدكتور صابر وهو المتخصص في الآداب والتاريخ الإسباني والمترجم لكتاب سانت أكروز الذي يتحدث عن تاريخ أكادير إن “الاسم الأمازيغي إموران قد يكون هو الأسبق، وقد يكون أُخذ منه الاسم البرتغالي ”بيم ميراون ” الذي يعرف به المكان في الوثائق البرتغالية”.
ويرجح الدكتور صابر أن تكون التسميتان لشخص يدعى بن ميران أو ”ييوس ن ميران ”، “لكن ما يتم تداوله من أسطورة حول موقع إموران، لا يوجد ما يؤكده مما كتبه الأولون” يُردف صابر.
فرصة للتعارف والتواصل
من جهته أكد خالد سكوتي عضو اللجنة المنظمة لمهرجان إِمُورَان في حديث أن هذا الموسم يبدأ منذ القدم مباشرة بعد انتهاء موسم سيدي حماد أوموسى، حيث يقوم التجار بالانتقال نحو موسم إِمُورَان الذي يبدأ في أول جمعة من شهر شتنبر من كل سنة، مضيفا أن الموسم يشكل أيضا فرصة لتسويق المنتوجات المحلية منذ القدم. منتوجات مثل ثمور، موز ، خضر و غيرها. كما أنه موسم للقاء والتواصل بهدف الزواج”، لأنه في الماضي يقول سكوتي “لم يكن هناك فرص للقاء بين الناس مثلما هي متوفرة الآن، الناس تقضي السنة كلها في العمل والفلاحة والرعي والصيد وغيرها من أنشطة البقاء. ويكون هذا الموسم فرصة للقاء بهدف الزواج”.
وأضاف سكوتي أن الفتيات والفتيان المقبلين على الزواج يأتون بهدف التعارف، مردفا بالقول: “كانت هناك قبائل عديدة تستغل هذه الفرصة للالتقاء حيث يأتي الفتيان والفتيات من أورير من تاغازوت من تاماراخت ، التامري، أدّار وغيرها من القبائل ويتم فيه لعب “أحواش ن تيدّي”، يكون فيه صف من الإناث وصف من الذكور”.