الأخبار

500 طفل مغربي يعيشون بهولندا لدى أسر حاضنة أجنبية

fll_232816525

نادية واكرار

أكدت نادية واكرار، مديرة التواصل بمرصد التواصل والهجرة بهولندا، أن الأسر المغربية تزداد معاناتها حيال أطفالها، حينما توكل مهمة تربيتهم إلى أسر غريبة عنهم، بقوة القانون وخاصة في حالة نشوب خلافات عائلية بين الأب والأم (العنف، الطلاق)، منبهة إلى ضرورة الاهتمام بهذه الفئة من الأطفال الذين تزداد أعدادهم، بالرغم من تكتم المؤسسات المعنية بحماية الأسرة والطفل ، حيث أشارت في الحوار التالي إلى وجود أكثر من 500 طفل مغربي أوكلت مهمة تربيتهم لأسر أجنبية عنهم ثقافة ودينا.
كيف تقيمين واقع الطفل المغربي في المهجر؟
< يرتبط واقع الطفل المغربي في المهجر بحضن أسرته، الذي يرتبط وجود الأمان فيها بمستواها الاجتماعي والتعليمي، وهي بذلك إما أنتمثل له ذرعا يقيه من المشاكل والصعوبات التربوية والتعليمية التي يمكن أن تصادفه  في بلد تختلف عاداته وثقافته عن موطن آبائه الأصلي أو تجعله عرضة لها، ليجد الطفل نفسه، رغم صغر سنه، مجبرا على الموازنة  بين متطلبات الاندماج داخل المجتمعات المستقبلة من جهة؛ والمحافظة على الهوية الأصلية، باعتباره ابنا لأسرة مهاجرة من جهة أخرى؛ مما ينتج عنه ارتباك في التربية الثقافية والدينية للطفل في بلاد المهجر؛ يزيد من صعوبتها عدم
وضوح وفعالية البرامج التربوية والتعليمية، خاصة منها ذات المضمون الديني التي تلقن لأبناء المهاجرين في هذه البلدان، مما يجعل الطفل يعيش في صراع بين ثقافة البلد الأصلي والدولة المستقبلة، ومن ثمة يصبح التباين الثقافي والديني مصدر صراع نفسي يؤثر سلبا على سلوكيات الطفل واهتزاز هويته الثقافية والدينية.
– ما أهم الصعوبات التي تعترض الأسر المهاجرة في تربية أطفالها وفق المرتكزات الدينية والاجتماعية المغربية؟
< لا تخلو تربية النشء المسلم في بلاد المهجر من تعقيدات ومشاكل؛ خاصة أنها تنبني على رغبة الأسر المهاجرة الموازنة بين متطلبات الاندماج في المجتمعات المستقبلة من جهة؛ والمحافظة على الخصوصيات الثقافية والدينية والاجتماعية للفرد المسلم، خاصة أن منظومة حقوق الإنسان، وكما هي متعارف عليها في أوروبا خاصة، لا تستحضر في كثير من الأحيان خصوصيات بعض الشعوب والحضارات.. فما يعتبر حقا لدى الغرب أحيانا؛ لا يعتبر كذلك عند المغاربة مثلا. ثم إن المهام التربوية للطفل المغربي، الموكولة للأسرة والكتاتيب والمساجد في بلاد المهجر، تجد صعوبة لأداء مهامها؛ ويزداد الأمر تعقيدا أمام الوسائل الإعلامية الغربية، المتطورة بتقنياتها ووسائل عملها ورسائلها ذات القدرة الفائقة على صناعة الرأي العام وتنشئة الأفراد والتأثير في مواقفهم وانطباعاتهم.. في مجتمعات تجعل من العلمانية أحد ثوابتها.
– ما الإكراهات القانونية التي تجعل من تربية الأسر المغربية المهاجرة لأبنائها أمرا في غاية الصعوبة ؟
< تتعدد وتتنوع الإكراهات الاجتماعية التي يعيشها الطفل المغربي في بلاد المهجر؛ بدءا بتلك التي تطرحها كفالة الأطفال المغاربة، المهملين من قبل أجانب في غياب الصرامة اللازمة، للتأكد من الوثائق اللازمة وعلى رأسها إسلام الشخص الكفيل قبل إعمال الكفالة؛ وأيضا عدم وجود ضمانات قانونية لحماية المتكفل به من سوء المعاملة والعنف، وغيرها من الصعوبات التي قد تعترضه.
كما أن بعض «دور الإيواء» المخصصة للمهاجرين السريين القاصرين لا تتورع في استغلال الظروف النفسية والاجتماعية والصحية لهؤلاء من أجل تنصيرهم باستخدام أساليب متحايلة في هذا الشأن.
– ما أهم الأسباب التي تفقد بموجبها الأم حضانة طفلها في المهجر؟
< لا أحد يمكنه أن ينكر مسؤولية الأهل تجاه الأطفال، خاصة في ظل المدنية المعاصرة المتميزة بشدة التعقيدات والتحولات المتسارعة، حيث تتداخل فيها وباستمرار عناصر مستحدثة ومتناقضة، وشديدة التنوع (حاجيات ومتطلبات وقيم ومواقف…)، الأمر الذي من شأنه بث الشعور بعدم الاستقرار السيكولوجي داخل الأفراد والجماعات… لكن إذا كانت الأسرة المعهود إليها بتربية الطفل تحكمها الأعراف والعادات فقط، معتمدة في ذلك على مقولة (كما تربينا نُربي) فالقوانين في أوربا، تختلف عن نظيرتها في المغرب، حيث تولي السلطات في أوروبا اهتماما كبيرا بالطفل وتعمل على حمايته، حتى من أسرته إن لم تستطع هذه الأخيرة رعايته، ليوكل الأمر إلى المؤسسات المعنية والأسر الحاضنة بحكم قضائي، يسلب الأسرة الأصلية ابنها لفائدة أخرى حاضنة.
ويعتبر الطلاق وانحراف الأطفال من أهم الأسباب التي تجعل السلطات الأوروبية تتدخل من أجل سحب الحضانة من الأسر وتوكيلها لفائدة أسرأخرى.
– كيف يعيش الطفل المغربي في المهجر، وخاصة الذي يتم فصله عن أسرته وأمه؟
< يعيش الطفل حياة عادية داخل الأسرة المحتضنة ويخصص زمن معين للزيارات العائلية، حيث تكون الأسرة الحاضنة تحت مراقبة القاضي ومؤسسة حماية ورعاية الطفل، ولا يمكننا أن ننكر استفادة بعض الأطفال من هذه الوضعية حيث تابعوا دراستهم، لكن الأثر يتمثل في العقيدة الدينية للمحتضن التي يمكن أن يشوبها اهتزاز أو حتى تغير، حيث لا يمكنه قانونيا العودة إلى أسرته الأصلية، إلا حين بلوغه السادسة عشرة من عمره بعد الحصول على موافقة القاضي ومؤسسة حماية الطفولة الهولندية.
– كيف تعملون كجمعيات مجتمع مدني لمساعدة الأسر على استعادة حضانة أطفالها التي أوكلت لغيرها من الأجانب؟
 < نتدخل كجمعيات مجتمع مدني من أجل مساعدة الأسرة بتوجيهها قانونيا من أجل الدفاع عن حقها في تربية طفلها، وإن استعصى الأمر علينا، نوجه الأسرة إلى المؤسسات المكلفة بإعادة تأهيل الأسر وتكوينها في مجال التربية، لتتمكن من استعادة الطفل، ويبقى المشكل مطروحا لدى الأم المطلقة، التي توكل لها مهمة التربية بمعزل عن الأب، حيث غالبا ما يكون الطفل ضحية لصراعاتهما.
– وماذا تقترحون لمساعدة الأسر المغربية في أوروبا؟
 < لمساعدة الأسر للخروج من ويلات ما تعانيه في بلاد المهجر، خاصة ما تعلق بتربية الأبناء من الضروري لابد من:
 -بذل المزيد من الجهود وتتبع أوضاع الأسر بالمهجر وبلورة الحلول اللازمة.
– عقد شراكات وأشكال من التعاون بين مختلف المتدخلين والفاعلين في الحقل الحقوقي وتفعيل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل وبلورتها ميدانيا.
– عقد شراكات واتفاقيات ثنائية وجماعية بين الدول الإسلامية، والدول الأوروبية، لإدراج تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية السّمحة ضمن النظام التعليمي الأوروبي.
– إنتاج برامج بالقنوات والفضائيات العربية والإسلامية تهم الطفل بالمهجر تراعي خصوصيات العالمين العربي والإسلامي.
-دعم المبادرات التي تتوخى ترسيخ حوار ثقافي كفيل بتوعية وحماية الأجيال الجديدة في بلاد المهجر.
–  إنشاء المزيد من المدارس لتلقين النشء اللغة العربية و التعاليم الإسلامية بالمهجر؛ بأسلوب متطور من حيث مضامين المناهج المعتمدة، دونما إهمال لللغة الأمازيغية في هذا الشأن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: